التي جعلها الله لها ، أو سقطا تطرحه المرأة قبل تصويره حسب مشيئة الله تعالى ، نفعل ذلك (لِنُبَيِّنَ لَكُمْ) لنوضح ونظهر لكم بهذه التطوّرات وتلك الانتقالات والتبدّلات على سبيل التدرّج ، قدرتنا وحكمتنا ، ولتستدلّوا على آيات خلقكم وإعجازه من المبدأ إلى المعاد. وفي حذف مفعول « نبين » إيماء إلى أن أفعاله هذه تتبيّن منها قدرته وحكمته وعظمته وما لا يمكن أن يحاط به ليذكر (وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ) نبقي في أرحام الأمّهات ما نريد من الأجنّة فلا تخرج أسقاطا قبل تمام تطورها (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) إلى زمان معيّن هو وقت وضعه. ومعلوم عنده تعالى أن أدنى زمان الوضع ستة أشهر وقد قال مولانا أمير المؤمنين أرواحنا فداه : لا تلد المرأة لأقلّ من ستة أشهر ، وأكثر زمان الوضع وأقصى حدّه تسعة أشهر ، ولا يزيد لحظة ولو زاد ساعة لقتل أمّه قبل أن يخرج كما عن الباقر عليهالسلام أيضا (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) أي نخرجكم من بطون أمّهاتكم صغارا ، وإنما وحّد (طِفْلاً) والمراد به الجمع ، لأنه بمعنى المصدر فيطلق على القليل والكثير ويبيّن الحالة التي يكونون عليها ، وذلك كقولهم رجل عدل ورجال عدل ، أو المراد : نخرج كلّ واحد منكم طفلا (ثُمَ) نربّيكم شيئا فشيئا (لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) لتصلوا إلى كمال قوّتكم. والأشد جمع شدّة ، كالأنعام جمع نعمة. وهذه المرحلة تكون من ثلاثين إلى أربعين سنة ، أو قد يراد بها الحلم (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى) يموت قبل الوصول إلى عمر البلوغ الطبيعي (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) أي إلى أسوأ العمر وأهونه عند أهله ، وهي حال الهرم والخرف. وإنما عبّر بأرذل لأنّ الإنسان لا يرجو بعد ذلك صحة ولا قوّة ، وإنما يترقّب الموت والفناء. وقد قال الإمام الصادق عليهالسلام : إذا بلغ العبد مائة سنة فذلك أرذل العمر. وعن عليّ صلوات الله وسلامه عليه : أرذل العمر خمس وسبعون سنة (لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) أي حينها يصاب بالخرف ويصبح كالطفل في جميع أحواله وخصوصياته كما هو معروف.
هذه جهة استدلّ بها سبحانه على قدرته على البعث بعد الموت. ثم