أعلى الأرباب ، نراه تارة يحتاج إلى قومه فيستشيرهم في أمر خصمه ولا يعرف تكليفه ولا كيف يتصرّف معه ، وأخرى يتديّن بدين غيره فيظهر أنه إمّا لا دين له أو انه مستقرّ على عقيدة. وهذا الربّ ، من حيث عجزه وعدم قدرته على دفع المضرّات عن نفسه مشابه للربّ الذي يقول فيه الشاعر :
وربّ يبول الثعلبان برأسه |
|
الأذلّ من بالت عليه الثعالب |
وقيل في الآية الشريفة : كأنّ المقصود الأصلي : أن لا تتّبعوا موسى ، وليس : أن لا تتّبعوا السحرة ، فساقوا الكلام مساق الكناية ، وهذا خلاف الظاهر.
* * *
(فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (٤١) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٤٢))
٤١ ـ (فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالُوا ...) أي حين اجتمعوا سألوا فرعون قائلين (أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً) هل تعطينا أجرة على عملنا ، أو هل يكون لنا من ثواب عندك (إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ) إن انتصرنا بسحرنا على ما جاء به موسى من آيات ربّه؟
٤٢ ـ (قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ...) أي : نعم أمنحكم أجر كثيرا ، ومضافا الى ذلك ألتزم لك بالقربى عندي إن غلبتم ؛ وقد قال ذلك لهم تأكيدا وإغراء.
* * *