الْحَرامِ) والمراد هو مكة حيث إنه صلىاللهعليهوآله أسري به من بيت زوجته خديجة عليها سلام الله أو من بيت أمّ هاني ولم يكن في ليلة الإسراء في نفس المسجد. والحاصل بمقتضى الآية الحاضر والمسافر متساويان في مساكن مكة ومنازلها ويجوز للحاج والمعتمر في الموسم وغيره شرعا النّزول في كل مكان ومنزل ومسكن ولو كان سكّانها غير راضين ، نعم ليس للواردين إخراج أهل الدار عن دارهم ، والمسألة محل خلاف والبحث عنها خارج عن موضوع كتابنا هذا والقدر المتيقّن أن نفس المسجد الحرام يستوي فيه الحاضر والمسافر في العبادات والمناسك كلّها وليس لأحد منهما أن يمنع الآخر فإنه حرام قطعا نعم للسابق إلى مكان من المسجد أن يمنع اللّاحق بالنّسبة إلى ذلك المكان فقط ، ولا يجوز لأحد أن يزاحمه فيه. وفي نهج البلاغة في كتاب كتبه أمير المؤمنين إلى عامله على مكة قثم بن العباس بن عبد المطلّب : وأمر أهل مكة أن لا يأخذوا من ساكن أجرا فإن الله سبحانه يقول : سواء العاكف فيه والباد ، والعاكف المقيم به ، والبادي الذي يحجّ إليه من غير اهله (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ) أي عن العدول عن القصد (بِظُلْمٍ) أي بغير حق وهما (أي بإلحاد وبظلم) حالان مترادفان والباء فيهما للملابسة ، وترك مفعول (يُرِدْ) للتّعميم ، أي : من يقصد أمرا فيه ملابسا للعدول عن القصد أي عن الحق إلى الباطل ، وملاصقا للظلم قيل هو الشرك وعبادة غير الله فيه ، وقيل كل شيء نهي عنه حتى شتم الخادم ، ودخول مكة بغير إحرام المعروف أن في غير مكة لا تكتب السيئة بمجرد قصدها ما دام لم تفعل بخلاف مكة فإن قصد السيئة خطيئة وتحسب إثما ولو لم تفعل ، وهذا لغاية شرافتها وكمال حرمتها (نُذِقْهُ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ) جواب (مَنْ) وقد مرّ تفسيره.
* * *
(وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ