شعاع الشمس من موضعه في حجر سليمان أو على رأسه فرفع رأسه (فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ) أي ما بال الهدهد لا أراه. تقول العرب مالي لا أراك يعني مالك أو يقول مالي أراك كئيبا أي ما لك كئيبا ، وهذا من القلب الذي يوضحه المعنى. والعيّاشيّ قال : قال أبو حنيفة لأبي عبد الله عليهالسلام : كيف تفقد سليمان الهدهد من بين الطير؟ قال عليهالسلام : لأن الهدهد يرى الماء في بطن الأرض كما يراه في القارورة أو كما يرى أحدكم الدّهن في القارورة. فنظر أبو حنيفة إلى أصحابه وضحك. قال أبو عبد الله ما يضحكك؟ قال : ظفرت بك جعلت فداك. قال : وكيف ذلك؟ قال الذي يرى الماء في بطن الأرض لا يرى الفخ الذي يصاد به في التراب حتى يؤخذ في عنقه؟ قال (ع) : يا نعمان أما علمت أنه إذا نزل القدر عمي البصر؟ فبهت أبو حنيفة الذي أراد إفحام أعلم البشر في عصره. ولا يخفى أنّه ربّما يختلج في بعض الأذهان أن في هذه القصّة أمورا ، منها أن سليمان كان نبيّا والأنبياء معصومون من الظّلم ويمشون على جادة العدل وطريق الاستقامة ، ومن ناحية أخرى أن الطيور غير مكلّفين حتى يثبت عليهم التقصير فيستحقّون عذابا وعقابا ، فما معنى قول سليمان (لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ) أمّا الجواب عن الناحية الأخيرة لأنّا قبلنا منكم الأولى أن الطيور غير مكلفين ، فنعم. ولكن من ناحية التكاليف الشرعية والأحكام التي نحن البشر مكلّفون بها. وأمّا بالنسبة إلى بعض الأمور الأخر فلا نسلّم عدم تكليفها به ، فإنها مأمورة ببعض الأذكار ، وبأن لا يظلم بعضها بعضا. والحاصل أن الطيور في عصر سليمان كانت موظّفة ببعض الوظائف ومكلفة بتكاليف ، فإنه في أوقات سيره كان يحضرها للاستظلال بها ، فكانت الطيور تحضر لذلك بما فيها الهدهد يحضره للاستظلال به وللدّلالة على الماء ، فاذا عصى واحد منها أمر نبيّ الله فيعدّ عاصيا ومستحقّا للعذاب والعقاب بلا شبهة ولا ارتياب بما يراه ويشاء. فالهدهد بغيبته بلا استيذان ولا إجازة نبيّ الله يعدّ في زمرة العاصين. فهذا التشديد المؤكد بالحلف يمكن أن يكون من جهة العصيان أو من ناحية