الصّبي عسى أن يكون قرة عين لي ولك أي ضياء عيننا جميعا فإنه بسببه عوفيت بنتنا من علتها فانصرف فرعون عن قتله وما شعر بأنه قاتله فكيف يخلّي الإنسان الفطن سبيل قاتله بقول امرأة هو قرة عين لي ولك؟ وعقّبت قولها هذا بقولها الآخر حتى تيقّنت انصرافه. وزوجته هذه ما آمنت بفرعون قط وكان قلبها منوّرا بنور الايمان ، فهي مؤمنة بنبيّ زمانها وقد آمنت بعد ذلك بإله موسى وصدقته بما جاء به من عند ربه وذلك سبب قولها (لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا) حيث إن فيه مخايل الخير واليمن ودلائل النفع والبركة من برء برص ابنتك وارتضاعته من إبهامه والنور السّاطع من بين عينيه ، فإن هذه المؤمنة شعرت بنور إيمانها أن هذا المولود هو الموعود فلذا اهتمّت غاية الاهتمام في حفظه وحراسته وأيّدت ما ذكرت من قوليها بقولها (أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) أي نتبنّاه فإن هذا الولد أهل لذلك (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) يحتمل أن يكون من تتمّة قول آسية سلام الله عليها. والضّمير البارز راجع إلى الناس أو إلى الملتقطين ، أي أنّهم بعد مدّة تمضي عليه لا يعرفون أنه هو الذي التقطوه من النيل وينسونه. أو هي ابتداء كلام من الله تعالى أي : هم لا يشعرون أنّه هو الذي ذهاب ملكهم على يديه أو هم على خطأ في التقاطه.
* * *
(وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (١٠) وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١١) وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ