المراد منها وضع اليد على الصّدر على ما يقال ، فإن الخوف يسكن بوضع اليد على الصدر وعهدته على مدّعّيه والحاصل يمكن أن يقال انّه يؤخذ من الكريمة أمران : الأوّل ترتّب ذهاب الخوف الذي يعرض للإنسان من مخوف ، والثاني كون المراد بها هو الكناية عن عزم موسى على المأمور به وحثّه على الجد والجهد فيه حتى لا يكون خوفه مانعا عن قضائه على فرعون وعن إلقائه العصا وإخراج يده من جيبه نظير اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيك حيث إن هذا كناية عن التأهّب والتهيّؤ للموت لا الشد والربط بمعناه الحقيقي.
وهل المراد من الخوف هو الذي حصل من الحية المنقلبة عن العصا؟ فالمناسب ذكر هذه الجملة قبل قوله تعالى (اسْلُكْ يَدَكَ) إلخ أو المراد هو الخوف إذا حصل عن إضاءة اليد وشعاعها العظيم الذي تضوّأت الدنيا عنه؟ فالمراد بالخوف هو هذا كما هو الظاهر من سياق الآية (فَذانِكَ بُرْهانانِ مِنْ رَبِّكَ) أي العصا واليد حجّتان نيّرتان أنت مرسل بهما من عند ربك (إِلى فِرْعَوْنَ) الآية ، فإن فرعون وقومه قوم فاسقون.
* * *
(قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (٣٣) وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ (٣٤) قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ (٣٥))