إبراهيم لأيّ شخص تنتقل ومن هو الوارث في مواريث الأنبياء ، فذكر إسحاق كان مقدّمة لتعيين النبيّ أو لتعيين الوارث في المواريث ، ولم يكن ذكر إسحاق في مقام بيان أولاد إبراهيم عليهالسلام وشرحهم ولذا عقّب قوله : (وَوَهَبْنا) إلخ ... بقوله (وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ) أي ذرّية إسحاق أو يعقوب فإن كل نبيّ بعد إبراهيم كان منهما. وقد كثر الأنبياء وكانوا كلّهم من إسرائيل وبنيه عليهمالسلام ، وهم ذرّية إبراهيم. وقد بدّل الله عزوجل جميع أحوال إبراهيم بأضدادها فبدّل الله عذابه بالنار بالبرد والسّلام ، وانقلبت وحدته بالكثرة حيث ملأ الدّنيا من ذرّيته وعوّضه عن أقاربه الضّالين المضلّين الذين من جملتهم عمّه آذر ، بأقارب هادين مهتدين ، وهم ذرّيّته الذين جعل فيهم النبوّة والكتاب. وكان إبراهيم عليهالسلام في أوّل أمره قليل المال ، فأعطاه الله من المال حتى كان له من المواشي ما علم الله عدده حتى قيل إنّه كان له اثنا عشر ألف من الكلاب الحارسة لماشية مطوقة بأطواق ذهب خالص. أمّا الجاه والرفعة فالنبوّة واقترانه بالأنبياء في الصّلاة والسلام عليه معهم إلى يوم القيامة ، وقد توّج بتاج الخلّة وصار معروفا بشيخ الأنبياء وأولي العزم من المرسلين بعد أن كان مجهول الذكر عند قومه بحيث قال قائلهم : سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم. وهذا الكلام لا يقال إلّا في مجهول بين الناس. هذه جملة من مقاماته الدّنيويّة ، وأمّا الأخروية فقد قال الله تعالى في حقّه : (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) أي أولي الدّرجات العليا مع المكمّلين في الصّلاح. وهذا الكلام أعظم مدح فيه من ربّ العزّة وقد يجمع الله لأقوام كرامة الدنيا والآخرة فهنيئا لهم ونسأله سبحانه أن يرزقنا خير الدنيا والآخرة. ثم إنّه سبحانه وتعالى لما كان في مقام شرح أحوال أنبيائه كما لاحظنا في مقامات عديدة سالفة ليكون النبيّ (ص) على بصيرة إذا سئل فيكون الجواب من معجزاته ، لذا بيّن في هذه السّورة أيضا جملا من أحوالهم مع أممهم تسلية له واعتبارا لأمّته فقال سبحانه :
* * *