عن قول أهل العلم والإيمان بعد استماعهم الحلف الكاذب من المشركين بقوله : (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ، إلخ ، أي الذين هداهم الله بإقامة الحجج ونصب البراهين بحيث صارت موجبة لسلمهم وباعثة لكمال معرفتهم وتصديقهم لله ولرسوله وكل ما جاء به الرّسول صلوات الله عليه ولهذا نسبه إلى نفسه. ولعل المراد بهم الأنبياء والملائكة العالمون بأكثر الأمور ، والمؤمنون من الإنس ، أو الملائكة والمؤمنون جميعا. وفي الكافي عن الرّضا عليهالسلام في الحديث الذي يصف فيه الإمامة والإمام قال : فقلّدها صلىاللهعليهوآله عليّا عليهالسلام بأمر الله عزوجل على رسم ما فرضه الله تعالى ، فصارت في ذرّيته الأصفياء الذين آتاهم الله تعالى العلم والإيمان بقوله : (وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) ، الآية (لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللهِ) أي في اللوح المحفوظ. يعني أنه ثابت فيه مقدار لبثكم ، أو في علم الله وقضائه ، أو في القرآن من قوله : (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) والحاصل أن أهل العلم والإيمان يردّون على أهل الكفر والإلحاد بهذا القول ، أي لقد لبثتم (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) وبعد ذلك يقولون (فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ) أي اليوم الذي كنتم تنكرونه والفاء جواب للشرط المحذوف وتقديره : ان كنتم منكرين للبعث والنشور (فَهذا) إلخ فانظروا حتى يتبين لكم بطلان إنكاركم (وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) وقوعه لعدم النظر والتدبّر في ما جاء به نبيّكم (ص) فيأخذ الكفرة في الاعتذار عمّا فات ويطلبون الرجوع إلى الدّنيا لجبران ما مضى واستئناف العمل فلا يقبل منهم ، ويجيء النداء من قبل الرّب كلّا (فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا) أنفسهم بالكفر والشّرك بعد إتمام الحجّة عليهم (مَعْذِرَتُهُمْ) اعتذارهم (وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) ولا يطلب منهم الإعتاب ولا ما يزيل آثار الجرم كالتوبة والرجوع إلى الدنيا للجبران أو العودة إلى الحقّ ، والحاصل أنّهم لا يستتابون فيتوبون. ويقال استعتبني فلان فأعتبته أي استرضاني فأرضيته ، فلا يؤذن لكم في الاسترضاء حتى أرضى عنهم ، ولا يطلب منهم العتبى والأخذ والرد في الكلام.