إلّا بمقدار الضرورة ورفع الحاجة فهو عليهالسلام لا زال كذلك وكان لا يتكلّم إلّا بالحكمة والموعظة الحسنة ، وكان كثير الصّمت. ونقل الثعلبي في تفسيره من حكم لقمان أنّ مولاه أرسله مع بعض غلمانه إلى بستان له ليأتوه بفاكهة فأكلها الغلمان في الطريق وألقوا إلى رقبة لقمان وقالوا هو أكله. فغضب عليه مولاه ، فقال لقمان : كذبوا وهم أكلوها. فسأله المولى بأيّ كيفيّة يمكن كشف كذبهم؟ فقال : بأن تشربنا ماء فاترا وتركضنا في الصّحراء حتى تعرّضنا للقيء ، فإن خرجت الفاكهة من بطني فهم صادقون ، ولو خرجت من بطونهم فهم كاذبون. فسلك المولى بهم هذا العمل فخرجت من بطونهم الفواكه ومن بطن لقمان الماء الصافي. فاعتمد بعد ذلك على أعماله وأقواله وتعجّب من عقله وذكائه ومن قصار كلماته في الحكمة. فليس مال كالصّحة ولا نعيم كطيب النفس. ونقل أنه كان عبدا حبشيّا فأمره مولاه أن يذبح كبشا ويجيئه بأطيب أعضائه فذبحه وجاءه بقلبه ولسانه. وبعد أيّام قليلة أمره بالذبح وأن يجيئه بأخبث الأعضاء فجاءه بهما أيضا ... فسأله مولاه كيف يكون شيء واحد أطيب وأخبث؟ فأجابه : هما أطيب الأعضاء إذا طابا ، وأخبثها إذا خبثا. ومن كلماته الثّمينة الحكميّة قوله لداود عليهالسلام : يا داود اسمع منّي وتعلّم خمس كلمات فيها علم الأوّلين والآخرين.
١ ـ اعمل لدنياك بقدر لبثك فيها.
٢ ـ واعمل لآخرتك بمقدار لبثك فيها.
٣ ـ وليكن مقصودك من مولاك عتق رقبتك من النار.
٤ ـ ولتكن جرأتك على المعصية بمقدار صبرك وطاقتك على النار.
٥ ـ إذا قصدت معصية مولاك فهيّء مكانا لا يراك فيه.
وله قصص وحكايات كثيرة وكلمات قيّمة ليس هذا المختصر مكان ذكرها. ثم إنه تعالى قدّم الأمر بالشكر على نعمه الجزيلة لأنه المنعم وعقّبه