كان زيد بن حارثة مؤمنا تقيّا زكيّا حبيبا لرسول الله بحيث تبنّاه وصار معروفا بابن محمد. ومحبة رسول الله هذه تكشف عن سموّ مقامه وعلوّ شأنه وهو يغبطه على مقامه هذا ولرتبته السّامية عند الله ورسوله كثير من الأصحاب المقربين .. وفي الظاهر قد أقدم على هذا التزويج نبيّ الرحمة لمصالح عديدة أشير إليها في الشريفة بقوله تعالى : (زَوَّجْناكَها) وقرئ زوّجتكها. قال الصّادق عليهالسلام : ما قرأها أبي إلّا كذلك ، إلى أن قال : وما قرأ علي عليهالسلام على النبيّ صلىاللهعليهوآله إلّا كذلك. وفي الجوامع أنّها قراءة أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين. والحاصل أنّه تعالى أضاف تزويجها إلى ذاته المقدّسة تشريفا وتبجيلا لرسوله. وروي أنّ زينب كانت تفتخر على جميع نساء النبيّ بذلك بعد نزول تلك الكريمة وكانت تقول للنبيّ (ص) : إنّي لأدلّ عليك بثلاث ، ما من نسائك امرأة تدلّ بهنّ جدّي وجدّك واحد ، وزوّجنيك الله ، والسّفير جبرائيل. وفي الدّعاء مدلّا عليك فيما قصدت فيه إليك ، وهو من أدلّت المرأة وتدلّلت وهو جرأتها في تغنّج كأنّها مخالفة وليس بها خلاف ، والاسم الدّلال ، يقال تدلّل على غيره لم يخف منه بل يعدّ نفسه عزيزا عنده. وليعلم أنّ زيدا حينما طلّق زوجه لم يكن في قلبه كره لطلاقها بمعنى أن الطّلاق لم يقع بغير رضاه وعن عدم رغبة منه فيه ، بل عن طيب نفسه ولم يكن في قلبه أيّ ميل إليها ولا وحشة لفراقها. قال الله تعالى (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها) فإنّ معنى القضاء هو الفراغ عن الشّيء على التمام والكمال بلا احتياج إليه بعد ذلك (لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ) أي في نكاح أزواج الأدعياء أي من يدعونهم أبناء (إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً) إذا طلّقوهن باختيارهم بعد قضاء حاجتهم منهنّ ، فهذا التبرير علّة للتزويج (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) أي قضاؤه وقدره لا بدّ وأن يقع في الخارج وكان مكوّنا. وهذه هي العلّة في تزويج زيد وطلاقه بلا جهة موجبة له ، ونكاح الرّسول إيّاها بعد ذلك لمصالح مستورة مخفيّة علينا منها ما ذكر في الكريمة أي رفع البأس عن تزويج أزواج الأدعياء كما كان