تملّكها بخلاف المسبيّات فإن ملكيّتها متحققة معلومة فهنّ أحلّ وأطيب من هذه الحيثيّة ولكنّ الجميع متساويات من حيث الحليّة. وكذلك لما كان نكاح المهاجرات أفضل قيّد القرائب بهنّ وقال (وَبَناتِ عَمِّكَ) إلى أن يقول (اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ) وهذا قيد للأفضلية لا للحلّية فإنهنّ حلائل مطلقا. نعم قيل : يحتمل أن يكون قيدا لإحلال المذكورات في حقّه صلىاللهعليهوآله خاصّة ، وكان من خصائصه صلوات الله عليه ولهذا القول يذكر شاهد وهو قول أمّ هاني فإنها قالت : خطبني رسول الله صلىاللهعليهوآله وأجبته لذلك ولكن ما عقد عليّ. فلمّا نزلت الآية قال صلوات الله عليه وآله : أنت حرام عليّ حيث لم تهاجري معي ، ولكنّ صحة الحديث غير معلومة. وقيل كان الإحلال مقيّدا بذلك لكنّه نسخ بهذه الآية (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها) أي أحللنا لك امرأة مؤمنة إذا اتفق أنها وهبت نفسها بلا مهر. لكنّها بمجرّد هذا لا تصير زوجة له صلوات الله عليه ، ولا يجب على النبيّ قبولها. نعم لو أراد نكاحها فهي زوجته بلا عقد ولا مهر ، فإرادته (ص) بمنزلة قبوله إيّاها أي الهبة. والمراد بالاستنكاح هو طلبه ، أي الرغبة في النكاح (خالِصَةً لَكَ) هذا إيذان بأن الحكم ممّا خصّ به (ص) لنبوّته واستحقاقه هذه الكرامة لشرافة النبوّة (قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) حاصل معنى الكريمة أنّنا قد علمنا ما فرضنا على المؤمنين في أزواجهم من حيث العدد والحصر والمهر لكنّه وضعناه عنك تخفيفا عنك وتشريفا لك وكذلك في ملك اليمين للمؤمنين بأن لا يقع الملك لهم إلّا بوجوه معلومة محصورة من الشراء والهبة والإرث ، وأبحنا لك أزيد من هذه الأسباب كالصفيّة الذي تصطفيها لنفسك من السّبي ، وانما خصّصناك به ووسعنا عليك على علم منّا بالمصلحة التي اقتضت ذلك (لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ) أي ضيق في باب النّكاح. وهذه الجملة متّصلة ب (خالِصَةً) وبينهما اعتراض لبيان أن المصلحة اقتضت مخالفة حكمه لحكمهم في ذلك ، وهي رفع الحرج بالتوسعة له صلوات الله عليه