صادقا قاصدا إلى الحق ، صوابا موافقا ظاهره لباطنه. وبعبارة أخرى قولا مرضيّا لله ولرسوله (يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ) أي هو تعالى يصلح أعمالكم ويوفقكم لصدور الأعمال الصّالحة عنكم ، أو يقبل أعمالكم على ما هي عليه ويثيبكم بذلك ويعطيكم أجرا جزيلا. وهذا بيان لنتيجة القول السّديد (وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) وهذا نتيجة إصلاحه لأعمال عباده ، فإن الأعمال إذا صارت مصلحة فالذّنوب تصير مغفورة (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً) فهذه الشريفة بمنزلة قاعدة كلّية حيث إنّ جميع ما ذكر في الآيات السّابقة مترتّب على الإطاعة لأن الإنسان المطيع هو الذي لا يقول إلّا قولا سديدا وهو الذي يصلح الله أمره ويغفر ذنوبه ويفوز فوزا عظيما ، ويظفر ببغيته وينجو من المكاره بحوله وقوّته تعالى وتوفيقه إيّاه. فالإطاعة هي منشأ كلّ خير ومصدر كلّ رفعة ومفاض كلّ فوز عظيم.
٧٢ ـ (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ ...) المراد بعرضها عليهنّ قيل إنه النظر إلى استعدادهنّ له وإبائهنّ الإباء الطبيعيّ الذي هو عدم اللّياقة والاستعداد ، وبحمل الإنسان قابليته واستعداده لها وكونه ظلوما جهولا لما غلب عليه من القوّة الغضبيّة والشّهويّة ، وهذا وصف للجنس باعتبار الأغلب. ويحتمل أن يكون المراد العرض على أهلها فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وعرضها عليهم تعريفها إيّاهم ، أي في تضييع الأمانة الإثم العظيم. وقد بيّن تعالى جرأة الإنسان على المعاصي وإشفاق الملائكة من ذلك. فيكون المعنى : إنّا عرضنا الأمانة على أهل السّموات والأرض والجبال والملائكة والجنّ فأبين أن يحملنها ، أي فأبى أهلها أن يحملوا تركها وعقابها والمأثم فيها ، وأشفقوا منها. والحاصل أن آباءهم لها كان إباء استصغار لا إباء استكبار مثل إباء إبليس حيث لم يؤدّها أو لم يعمل بها كما هو حقها (وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) أي مال إليها بقبولها (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً) بارتكاب المعاصي (جَهُولاً) بشأن الأمانة وموضعها في استحقاق العقاب على الخيانة فيها. وأمّا الأمانة فقيل هي الطاعة ، وقيل هي الصّلاة وروي أنّ