في أهاليهم. ثم قال : إن المؤمن ليشفع في مثل ربيعة ومضر ، وإن المؤمن ليشفع حتى لخادمه يقول : يا ربّ حقّ خدمتي كان يقيني الحرّ والبرد (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) الجار متعلّق بما يفهم عن سياق الكلام ، وهو ترقّب الإذن وتوقّعه ، أي حتى وقوعه ممّن يرجى الشفاعة به. والتّفزيع مع كلمة (عن) بمعنى الإزالة وكشف الفزع والمعنى أن الشافع والمشفع به يوم القيامة كلاهما ينتظران الشفاعة ولا يزالان في خوف وفزع حيث أنّهما يحتملان عدم قبول الشفاعة وردّها بل عدم الإذن لها إلى أن يسلب الفزع عن قلوب أهل المحشر بالإذن لهم بالشفاعة لهم فيفرحوا ويقول بعضهم لبعض : (ما ذا قالَ رَبُّكُمْ) متسائلين عن قوله تعالى فيما يرجع إلى الشفاعة. فعامّة أهل المحشر ، حتّى الكفرة منهم ، تنكشف لهم الحقائق يوم القيامة من وجود الصانع جلّ وعلا ، إلى وحدانيّته ، إلى صحة الرسالة وصدق رسله ، وبالجملة تنكشف لهم سائر حقائق الدين بتمامها وكمالها ، حتى انهم إذا ما رأوا رحمة الله الواسعة على العباد ووفور جوده وفيضان فضله العميم عليهم ، فإنهم ، هم أيضا ، يتوقّعون شمول الرحمة وعموم الشفاعة لهم ، بل إن الشيطان اللعين ليطمع بذلك كما يستفاد من الروايات التي منها أن الله تعالى ينشر رحمته يوم القيامة حتى يمدّ إبليس لها عنقه.
والحاصل أنهم يسأل بعضهم بعضا : ماذا قال ربّكم بالنسبة إلى الشفاعة (قالُوا) : قال : (الْحَقَ) أي قالوا : قال ربّنا الصدق والواقع ، فإنه أذن للمؤمنين المطيعين في دار الدنيا بالشفاعة ولم يأذن للكافرين لأنه ليس عنده غير الحق ولأن وعده صدق (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) أي ذو العلوّ بقهره ، وذو الكبرياء بعظمته.
* * *
(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ