غير تعليق بشيء من فوقهما وقائمتان بلا دعامة ولا عماد من تحتهما ، بل بقدرته الكاملة أمسكهما وبكلمة كن منعهما من الزوال (وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ) كلمة (إِنَ) نافية بمعنى (ما) النافية و (مِنْ) في قوله (مِنْ أَحَدٍ) زائدة جيء بها تأكيدا. وقوله (مِنْ بَعْدِهِ) يرجع الضمير إلى الله سبحانه ظاهرا ، ويحتمل أن يرجع إلى الزوال والمعنى أن السّماوات والأرض لا يمسكها غير الله جلّت قدرته. (إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً) ففي الرواية لما نسب اليهود والنصارى العزيز وعيسى إليه سبحانه بأن كل واحد منهما ابن الله كاد أن تزول السّماوات والأرض وتهدّا هدّا وينزل العذاب على كافة البشر لكنه تعالى عفا عنهم وإذا كان الأمر هكذا بالنسبة إلى إسناد إلا بنيّة إليه تعالى واتّخاذ ولد له ، فكيف إذا قالوا بالألوهية بالنسبة إلى الأوثان وقاموا ويعبدونها إلّا أنه تعالى بفضله العميم وحلمه يرحم ويغفر للعباد الجهلة حيث أمسكهما رحمة على العباد ولم يهدّهما هدّا ولم يفطرهما فطرا كما قال عزوجل (تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ) من شركهم.
* * *
(وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ ما زادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً (٤٢) اسْتِكْباراً فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً (٤٣) أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ