(إِلَّا بِأَهْلِهِ) بفاعله وهو الماكر. قيل وقد نزل بهم يوم بدر كلّ ما قصدوا أن يفعلوه بالنبيّ الأكرم وأصحابه من القتل والجلاء والسّبي ونحوها من أنواع الإيذاء والإضرار فحلّ ذلك كلّه بقريش المتكبّرة على أيدي رسول الله صلىاللهعليهوآله وأيدي المؤمنين به.
وفي الحديث نقلا بالمعنى : من حفر بئرا لأخيه وقع فيه. ووصف المكر بالسيّء احترازا عن المكر الحسن كما في مكر المؤمنين بالكفرة حين القتال على وجه الحسن. وكلّ نهي عن المكر فالمراد به المكر السيّء ، وهو ما كان أصله كذبا وخديعة وتأسيسه كان على الفساد كما في غير موارد المستثنات. ومن المكر السّيء ما في روايات أهل التواريخ من أنّه في بعض الأزمنة كان رجلان عندهما دنانير مسكوكات من الذهب فخافا عليها من التلف فذهبا بها إلى الجبل ورأيا هناك شجرا مجوّفا فارغ الجذع فأدخلا الذهب في جوف شجرة خوفا من السرقة ورجعا. فجاء واحد منهما ليلا وأخرج الدنانير وذهب بها إلى داره وأخفاها. وبعد مدة اتّفقا أن يذهبا ليخرجاها فلمّا دنيا من الشجرة لاخراجها لم يجداها. فأخذ السارق بيد الآخر وقال : أنت جئت وأخرجتها. فحلف بأيمان غلاظ أني ما جئت من يوم فارقتك إلى هنا أبدا ، فما أفاد الحلف شيئا ، وقال : امش معي إلى القاضي فذهبا إليه وادّعى السارق على الآخر أنه أخذ المال من المكان الفلاني. فأنكر الآخر إنكارا شديدا. فطلب القاضي من المدّعي الشاهد. فقال : شاهدي هو نفس الشجرة التي أدخلنا المال في جوفها. فتعجّب القاضي من كلامه ولم ير طريقا إلّا أن يذهب إلى الشجرة ويسألها الشهادة. فلما أصبح الصّباح مشى مع جماعة من أهل البلد إلى الجبل حتى وصلوا إلى الشجرة. وقد مكر السّارق بأن ذهب ليلا مع أخيه وأدخله جوف الشجرة حتى إذا سأل القاضي الشجرة فهو يجيبه بأن المال عند المنكر وأنه جاء ليلا وأخذ المال. فسأل القاضي الشجرة : من أخذ المال من جوفك؟ فأجاب من جوف