الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ
أَحَداً * إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا
إِذاً أَبَداً (١٨) و (٢٠)﴾
ثمّ بعد بيان كيفيّة حفظهم بيّن سبحانه حالهم في الكهف بقوله : ﴿وَتَحْسَبُهُمْ﴾ لو رأيتهم يا محمّد فيه ﴿أَيْقاظاً﴾ منتبهين لانفتاح عيونهم كأنّهم ناضرين ﴿وَهُمْ رُقُودٌ﴾ ونيام ﴿وَنُقَلِّبُهُمْ﴾ ونحوّل أجسادهم ﴿ذاتَ الْيَمِينِ﴾ وجانبه تارة ﴿وَذاتَ الشِّمالِ﴾ وناحيته اخرى في كلّ سنة ، كما قال أبو هريرة (١) . أو في كلّ تسع سنين ، كما عن مجاهد (٢) . لئلّا تأكل الأرض لحومهم ولا تبليهم ، كما عن ابن عباس (٣) . ﴿وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ﴾ ومفترش ﴿ذِراعَيْهِ﴾ ويديه ﴿بِالْوَصِيدِ﴾ وفناء الكهف ، أو بابه كأنّه يحرسهم.
قد سبق القول بأنّه كلب الرّاعي ، وقيل : إنّه كلب صيدهم (٤) ، وقيل : إنّه كلب نبح عليهم في الطريق فطردوه مرارا ، فقال لهم الكلب : لا تخشوا منّي فإنّي احبّ أحبّاء الله ، فناموا حتى أحرسكم. (٥) وروى بعض العامة أنّه كان أسدا (٦) .
عن الصادق عليهالسلام : « لا يدخل الجنّة من البهائم إلّا ثلاثة : حمار بلعم بن باعورا ، وذئب يوسف ، وكلب أصحاب الكهف » (٧) .
وروى بعض العامّة أنّه يدخل مع المؤمنين في الجنّة عشرة من الحيوانات : ناقة صالح ، وعجل إبراهيم ، وكبش إسماعيل ، وبقرة موسى ، وحوت يونس ، وحمار عزير ، ونملة سليمان ، وهدهد بلقيس ، وكلب أصحاب الكهف ، وناقة محمّد صلىاللهعليهوآله ، فكلّهم يصيرون على صورة كبش ويدخلون الجنّة (٨) .
وروى الثعلبي أنّ من سلّم على نوح كلّ يوم وليلة أمن من لدغ العقرب ، ومن كتب : ﴿وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ﴾ وجعله معه ، أمن من ضرر الكلب (٩) .
ثمّ بيّن سبحانه هيبتهم الحافظة لهم بقوله : ﴿لَوِ اطَّلَعْتَ﴾ يا محمّد وأشرفت ﴿عَلَيْهِمْ﴾ بالمعاينة ﴿لَوَلَّيْتَ﴾ وفررت ﴿مِنْهُمْ فِراراً﴾ من هيبة صورتهم ﴿وَلَمُلِئْتَ﴾ وامتلأ صدرك ﴿مِنْهُمْ رُعْباً﴾ وخوفا ، لطول شعورهم وأظفارهم ، وفتح أعينهم كاليقظان الذي يريد أن يتكلّم ، كما قيل (١٠) .
__________________
(١ - ٥) تفسير الرازي ٢١ : ١٠١.
(٦) تفسير روح البيان ٥ : ٢٢٦.
(٧) تفسير القمي ٢ : ٣٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٣٣.
(٨ و٩) تفسير روح البيان ٥ : ٢٢٦.
(١٠) تفسير الرازي ٢١ : ١٠١ ، تفسير روح البيان ٥ : ٢٢٧.