والضحّاك (١) .
﴿وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾ بن إسحاق ، أو يعقوب بن ماثان أخي عمران بن ماثان أبي مريم الملك ، كما عن الكلبي ومقاتل (٢)﴿وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا﴾ ومرضيّا عندك قولا وفعلا.
في أن الانبياء يورثون المال خلافا للعامة
والعجب من بعض العامة أنّهم خصّوا الإرث في الآية بالعلم والنبوّة والدّين ، للرواية المجعولة عندنا المقبولة عندهم عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ، ما تركناه صدقة » (٣) . مع أنّ الفخر الرازي روى عن ابن عبّاس والحسن والضحّاك أنّهم خصّوا الإرث في الموضعين بالمال (٤) .
وعن ابن عباس والسّدي ومجاهد والشّعبي والحسن والضحّاك أنّ الميراث في ﴿يَرِثُنِي﴾ المال ، وفي ﴿وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾ النبوّة (٥) .
ولا يخفى أنّ قول هؤلاء الأعاظم ينافي الرواية التي رواها أبو بكر وتفرّد بنقلها ، مضافا إلى أنّ فاطمة عليهاالسلام استدلّت بهذه الآية ونظائرها ممّا تدلّ على أنّ الأنبياء يورّثون المال على كذب الرواية (٦) ، وقرّرها أمير المؤمنين (٧) ، ولا يمكن القول بكونهما جاهلين بتفسير الآية ، مع أنّ الرسول زقّهما العلم زقّا ، خصوصا علم القرآن ، مع أنّ زكريّا جعل وجود الولد له مأمنا من خوفه من مواليه ، ولا يكون ذلك الأمر إذا كان خوفه من أن يكون بنو عمّه وارثين لماله ، فيصرفوه في الصرف عن الحقّ وتغيير الدّين ، وإلّا فكم من نبيّ كان مغلوبا للأشرار ومغموما وخائفا من الكفّار.
ودعوى أنّه لو كان المراد من الإرث إرث المال ، لزم القول بعدم استجابة دعاء زكريّا ؛ لأنّ يحيى قتل في حياة زكريّا ولم يرث ماله ، فباطل جدّا. للمنع من قتله في حياة أبيه ، بتصريح جمع من الأعاظم كالزمخشري ومحمّد بن جرير الطبري وغيرهما بخلافه (٨) . مع أنّ الاعتراض مشترك الورود ؛ لأنّ إرث العلم والنبوّة أيضا لا يكون إلّا بعد موت المورّث. وعلى ما ذكره المدّعي لم يصر يحيى وارثا لنبوّة زكريّا أيضا ، مع أنّ النبوة لم يمكن أن يرثها الأشرار ، وأن تنقطع من وجه الأرض ، فكان لزكريّا ورثة النبوّة ، وإن لم يكن له ولد من صلبه. مع أنّه روى عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « رحم الله زكريّا ،
__________________
(١) تفسير الرازي ٢١ : ١٨٤.
(٢) تفسير الرازي ٢١ : ١٨٥.
(٣) تفسير الرازي ٢١ : ١٨٤ ، تفسير أبي السعود ٥ : ٢٥٥.
(٤ و٥) تفسير الرازي ٢١ : ١٨٤.
(٦) الاحتجاج ١ : ١٠٢.
(٧) كشف الغمة ١ : ٤٧٧.
(٨) ذكر الطبري في تفسيره ١٦ : ٣٧ أنّ معنى الآية : يرثني بعد وفاتي مالي ، ويرث من آل يعقوب النبوة. ثمّ عدّد جمعا من المفسرين القائلين بهذا ، وهو صريح في الدلالة على بقاء يحيى بعد وفاة زكريا عليهالسلام.