وهذا محلّك ومحلّ من اتّقى من امّتك ، ثمّ قرأ رسول الله صلىاللهعليهوآله : ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ﴾(١) فسلّمت عليه وسلّم عليّ ، وقال : مرحبا بالنبي الصالح ، والابن الصالح ، والمبعوث في الزمن الصالح. وإذا فيها من الملائكة الخشوع مثل ما في السماوات ، فبشّروني بالخير لي ولامّتي.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ورأيت في السماء السابعة بحارا من نور تتلألأ يكاد تلألؤها يخطف بالابصار ، وفيها بحار مظلمة وبحار ثلج ترعد (٢) ، فلمّا فزعت ورأيت هؤلاء سألت جبرئيل ، فقال : أبشر يا محمد ، واشكر كرامة ربك ، واشكر الله ما صنع إليك [ قال : ] فثبّتني الله بقوّته وعونه حتى كثر قولي لجبرئيل وتعجّبي ، فقال جبرئيل : يا محمّد أتعظّم ما ترى ؟ إنّما هذا خلق من خلق ربك ، فكيف بالخالق الذي خلق ما ترى وما لا ترى من خلق ربك أعظم من هذا ؟ إنّ بين الله وبين خلقه تسعين (٣) ألف حجاب ، وأقرب الخلق إلى الله أنا وإسرافيل ، وبيننا وبينه أربعة [ حجب ] : حجاب من نور ، وحجاب من ظلمة ، وحجاب من غمام ، وحجاب من ماء.
قال : ورأيت من العجائب التي خلق الله وسخّره على ما أراد ديكا رجلاه في تخوم الأرضين السابعة ، ورأسه عند العرش ، وملكا من ملائكة الله خلقه الله كما أراد رجلاه في تخوم الأرضين السابعة ، ثمّ أقبل مصعدا حتى خرج في الهواء إلى السماء السابعة ، وانتهى فيها مصعدا حتى انتهى قرنه إلى قرب العرش وهو يقول : سبحان ربي حيث ما كنت ، لا تدري أين ربّك من عظم شأنه ، وله جناحان في منكبيه إذا نشرهما جاوزوا المشرق والمغرب ، فاذا كان في السّحر (٤) نشر جناحيه وخفق بهما ، وصرخ بالتسبيح ، يقول : سبحان الله الملك القدّوس ، سبحان الله الكبير المتعال ، لا إله إلّا هو الحيّ القيوم. فاذا قال ذلك سبّحت ديوك الأرض كلّها ، وخفقت بأجنحتها ، وأخذت بالصّراخ ، فاذا سكت ذلك الديك في السماء سكتت ديوك الأرض كلّها ، ولذلك الدّيك زغب أخضر وريش أبيض كأشدّ بياضا ما رأيته قطّ ، وله زغب أخضر أيضا تحت ريشه الأبيض كأشدّ خضرة ما رأيتها قطّ.
قال : ثمّ مضيت مع جبرئيل ، فدخلت البيت المعمور فصلّيت فيه ركعتين ومعي اناس من أصحابي عليهم ثياب جدد ، وآخرون عليهم ثياب خلقان (٥) ، فدخل أصحاب الجدد ، وحبس أصحاب الخلقان.
ثمّ خرجت فانقاد لي نهران : نهر يسمّى الكوثر ، ونهر يسمّى الرحمة ، فشربت [ من ] الكوثر ، واغتسلت من الرحمة ، ثمّ انقادا إليّ حتى دخلت الجنة ، فإذا على حافتيها بيوتي وبيوت أزواجي ، وإذا
__________________
(١) آل عمران : ٣ / ٦٨.
(٢) في المصدر : ثلج ورعد.
(٣) في المصدر : سبعون.
(٤) زاد في المصدر : ذلك الديك.
(٥) الخلقان : جمع خلق ، أي بال.