﴿وَنَحْشُرُهُ﴾ ونبعثه من قبره ﴿يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ وهو ﴿أَعْمى﴾ وفاقد البصر لفقد بصيرته في الدنيا. وقيل : يعني أعمى عن طريق الخير ، فيبقى متحيّرا (١) .
﴿قالَ﴾ ذلك المعرض عن الذّكر : ﴿رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ﴾ في الدنيا ﴿بَصِيراً قالَ﴾ الله في جوابه : ﴿كَذلِكَ﴾ الجزاء كنت تستحقّه لأنّك ﴿أَتَتْكَ﴾ في الدنيا ﴿آياتُنا﴾ والدلائل الدالّة على التوحيد والمعاد ورسالة الرّسل ﴿فَنَسِيتَها﴾ وتركت النّظر والتفكّر فيها والإيمان بها.
وقيل : يعني مثل ذلك فعلت أنت (٢) حيث إنّك أتتك آياتنا فنسيتها ﴿وَكَذلِكَ﴾ النسيان الذي صدر منك في الدنيا ﴿الْيَوْمَ تُنْسى﴾ وتترك في العمى والعذاب ﴿وَكَذلِكَ﴾ الجزاء المناسب للعصيان ﴿نَجْزِي﴾ كلّ ﴿مَنْ أَسْرَفَ﴾ وأصرّ في إتيان القبائح والآثام ، وتجاوز عن الحدّ في العصيان ، وكان من سرفه أنّه لم يصدّق ﴿وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ﴾ وبراهين توحيد خالقه ومنعمه ﴿وَ﴾ والله ﴿لَعَذابُ الْآخِرَةِ﴾ بالنّار وما فيها من الشدائد ، لغاية عظمته ﴿أَشَدُّ﴾ من عذاب الدنيا ، ومعيشة الضّنك ﴿وَأَبْقى﴾ وأدوم منه لأنّه لا انقطاع له.
عن الصادق عليهالسلام : ﴿فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً﴾ قال : « هو والله النّصّاب » قيل له : إنّا رأيناهم في دهرهم الأطول في الكفاية حتى ماتوا ؟ قال : « ذلك في الرجعة ، يأكلون العذرة » (٣) .
وعنه عليهالسلام في وقوله تعالى : ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي﴾ قال : « ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام » ﴿أَعْمى﴾ قال : « يعني أعمى البصر في الآخرة ، وأعمى القلب في الدنيا عن ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام وهو متحيّر في القيامة يقول : ﴿رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى﴾ الآية » . قال : « الآيات الأئمّة ﴿فَنَسِيتَها﴾ تركتها ﴿وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى﴾ أي تترك في النّار كما تركت الأئمّة فلم تطع أمرهم ولم تسمع قولهم »(٤).
وعنه عليهالسلام : سئل عن رجل لم يحجّ قطّ وله مال. فقال : « هو ممّن قال الله : ﴿وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى ﴾ قيل : سبحان الله أعمى ؟ فقال : « أعماه الله عن طريق الخير » (٥) .
وعن القمي : « عن طريق الجنّة » (٦) .
وعنه عليهالسلام في قوله : ﴿وَكَذلِكَ نَجْزِي﴾ الآية « يعني من أشرك بولاية أمير المؤمنين عليهالسلام غيره ﴿وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ﴾ ترك الأئمّة معاندة ، فلم يتّبع آثارهم ولم يتولّهم » (٧) .
__________________
(١) مجمع البيان ٧ : ٥٦.
(٢) تفسير أبي السعود ٦ : ٤٨.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٦٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٢٥ ، وفي النسخة : يأكلون الغدق.
(٤) الكافي ١ : ٣٦١ / ٩٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٢٥.
(٥) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٢٧٣ / ١٣٣٢ ، مجمع البيان ٧ : ٥٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٢٥.
(٦) تفسير القمي ٢ : ٦٦ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٢٦.
(٧) الكافي ١ : ٣٦١ / ٩٢ ، تفسير الصافي ٣ : ٣٢٦.