على هذا الضعف (١) حتى تنزل ملائكة سبع سماوات ، فيظهر الغمام وهو كالسّحاب الأبيض فوق سبع سماوات ، ثمّ ينزل الأمر بالحساب ، فذلك قوله تعالى : ﴿يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ﴾(٢) .
وقيل : إنّ الملائكة في زمان (٣) الأنبياء عليهمالسلام كانوا ينزلون من مواضع مخصوصة [ والسماء على اتصالها ] ، وفي ذلك اليوم تنشقّ السماء ، فاذا انشقّت خرجت من أن تكون حائلا بين الملائكة وبين الأرض ، فينزلون (٤) إلى الأرض (٥) .
وعن مقاتل : تشقّق السماء الدنيا ، فينزل أهلها وهم أكثر من سكّان الدنيا ، كذلك تشقّق سماء سماء ، ثمّ ينزل الكروبيون وحملة العرش (٦) .
وعن ابن عباس : تنشقّ كلّ سماء ، وينزل سكّانها ، فيحيطون بالعالم ، ويصيرون سبع صفوف حوله (٧) .
﴿الْمُلْكُ﴾ والسّلطان القاهر والاستيلاء التامّ الكامل في الظاهر والواقع والصورة والمعنى ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ وفي ذلك الوقت ، أعني الملك المتّصف بأنّه ﴿الْحَقُ﴾ الثابت يكون ﴿لِلرَّحْمنِ﴾ والفيّاض المطلق خاصة ، فانّ كلّ ملك يزول ويبطل إلّا ملكه يوم القيامة ﴿وَكانَ﴾ ذلك اليوم ﴿يَوْماً﴾ عظيما ﴿عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً﴾ وشديدة (٨) أهواله ﴿وَيَوْمَ يَعَضُ﴾ ويمسك بالنّواجذ [ مسكا ] شديدا ﴿الظَّالِمُ﴾ على الله وعلى رسوله بعصيانهما ﴿عَلى يَدَيْهِ﴾ من فرط التحسّر والنّدم.
عن ابن عباس : المراد عقبة بن أبي معيط ، كان لا يقدم من سفر إلّا صنع طعاما يدعو إليه جيرته من أهل مكّة ، ويكثر مجالسة الرسول ويعجبه حديثه ، فصنع طعاما ، ودعا الرسول صلىاللهعليهوآله ، فقال صلىاللهعليهوآله : « ما آكل من طعامك حتى تأتي بالشهادتين » ففعل ، فأكل الرسول صلىاللهعليهوآله من طعامه ، فبلغ هذا امية بن خلف ، فقال : صبوت يا عقبة وكان خليله ، فقال : إنّما ذكرت ذلك ليأكل من طعامي. فقال : لا أرضى ابدا حتى تأتيه فتبرق في وجهه وتطأ على عنقه ، ففعل ، فقال عليهالسلام : « لا ألقاك خارجا من مكّة إلّا علوت رأسك بالسيف » فنزل ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ﴾ ندامة ، يعني عقبه(٩).
القمي قال : روي أنّه يأكل يديه حتى يبلغ مرفقيه ، ثمّ تنبتان ، ثمّ يأكلهما ، هكذا كلّما نبتتا أكلهما تحسّرا وندامة على التفريط والتقصير (١٠) ، وهو ﴿يَقُولُ﴾ تمنّيا : ﴿يا﴾ هؤلاء ﴿لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ﴾ في
__________________
(١) في تفسير روح البيان : التضعيف.
(٢) تفسير روح البيان ٦ : ٢٠٣.
(٣) في تفسير الرازي : أيام.
(٤) في تفسير الرازي : فنزلت الملائكة.
(٥و٦) تفسير الرازي ٢٤ : ٧٤.
(٧) تفسير الرازي ٢٤ : ٧٤ ، وفيه : حول العالم.
(٨) في النسخة : شديدا.
(٩) تفسير الرازي ٢٤ : ٧٥. (١٠) تفسير روح البيان ٦ : ٢٠٤ ، وقد نسبه المصنّف إلى تفسير القمي سهوا.