وهب المخزومي ، ومسافع بن عبد مناف الجمحي ، وأبو عزّة عمرو (١) بن عبد الله ، كلّموا امية ابن أبي الصلت الثقفي بكذب وبطلان (٢) وقالوا : نحن نقول مثل ما قال محمّد ، فقال الشعراء أشعارا في هجو النبيّ صلىاللهعليهوآله وذمّ الاسلام ، فاجتمع عليهم غواة قريش ، وسمعوا أشعارهم وحفظوها ، وكانوا ينشدونها فنزلت(٣) .
وقيل : إنّه كان في عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله شاعران تخاصما ، فهجا كلّ منهما الآخر ، كان أحدهما من الأنصار والآخر من غيرهم ، وكان مع كلّ منهما جمع يعاونوه فنزلت (٤) .
وعن الصادق عليهالسلام : « أنّ المراد بالشعراء الكفّار الذين هجوا رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنشدوا أشعارهم ، فاتبعهم جمع من الكفّار حين ينشدونها » (٥) .
وعن ابن عباس : اريد بالشعراء الشياطين ، فانّ العرب كانوا يقولون : الشعراء تبعة الشياطين (٦).
وعن الباقر عليهالسلام - في هذه الآية - : « هل رأيت شاعرا يتّبعه أحد ؟ إنّما هم قوم تفقّهوا لغير الله فضلّوا وأضلّوا » (٧) .
وعن الصادق عليهالسلام : « هم قوم تعلّموا وتفقهوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا » (٨) .
وعنه عليهالسلام : أنّه سئل عن هذه الآية فقال : « هم القصّاص » (٩) .
وقيل : إنّ المراد بالشعراء في الآية الذين شغلهم الشعر عن القرآن والسنّة (١٠) .
وقيل : إنّهم الذين إذا غضبوا شتموا ، وإذا قالوا شعرا كان شعرهم الكذب والبهتان ومدح الناس بما ليس فيهم بقصد الصلة والجائزة أو لحميّة الجاهلية » (١١) .
ثمّ بيّن سبحانه غاية غوايتهم بقوله : ﴿أَ لَمْ تَرَ﴾ أيّها العاقل ﴿أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ﴾ ومسلك في فنّ الكلام من المدح والذّمّ والجدل والغزل والحماسة وغيرها ﴿يَهِيمُونَ﴾ ويذهبون على وجوههم إلى سبيل غير معين كالمتحيّر ، أو المراد أنّهم يتحيّرون في أودية المقال والوهم والخيال والغي والضّلال كالبهائم الضالة ، حيث إنهم يمدحون الشيء بعد أن ذمّوه ، ويعظّمونه بعد أن استحقروه وبالعكس.
القمي : يناظرون بالأباطيل ، ويجادلون بحجج المضلّين (١٢) ، وفي كلّ مذهب يذهبون (١٣) .
__________________
(١) في النسخة : أبو غرة عمر.
(٢) في مجمع البيان : تكلموا بالكذب والباطل.
(٣) مجمع البيان ٧ : ٣٢٥ ، جوامع الجامع : ٣٣٤.
(٤) الدر المنثور ٦ : ٣٣٣ ، تفسير روح المعاني ١٩ : ١٤٦.
(٥) مجمع البيان ٧ : ٣٢٥ عن ابن عباس.
(٦) تفسير أبي السعود ٦ : ٢٧٠ ، جوامع الجامع : ٣٣٤.
(٧) معاني الأخبار : ٣٨٥ / ١٩ ، تفسير الصافي ٤ : ٥٥.
(٨) مجمع البيان ٧ : ٣٢٥ ، تفسير الصافي ٤ : ٥٥.
(٩) اعتقادات الصدوق : ١٠٩ ، تفسير الصافي ٤ : ٥٥.
(١٠و١١) مجمع البيان ٧ : ٣٢٥.
(١٢) في المصدر : بالحجج المضلة.
(١٣) تفسير القمي ٢ : ١٢٥ ، تفسير الصافي ٤ : ٥٦.