يحطمونكم. وقيل : يعني لا يحطمنّكم جنود سليمان ، فجاء بما هو أبلغ (١) .
قيل : إنّها كانت نملة عرجاء في عظم الدّيك ، أو النّعجة ، أو الذئب ، لها جناحان ، وكانت ملكة النّمل ، وكان اسمها منذرة أو طاخية أو جرمي ، سميّت بهذا الاسم في التوراة ، أو الانجيل ، أو في بعض الكتب السماوية (٢) ، سمّاها الله تعالى بهذا الاسم وعرفها به الأنبياء قبل سليمان (٣) .
روي أنّ سليمان يأمر الريح العاصف بحمله (٤) ، ويأمر الرّخاء بسيره (٥) ، فأوحى الله تعالى إليه وهو يسير بين السماء والأرض : أنّي قد زدت في ملكك أن لا يتكلم بشيء إلّا ألقته الريح في سمعك فألقت الريح كلام النّملة في سمع سليمان من ثلاثة أميال (٦)﴿فَتَبَسَّمَ﴾ سليمان حال كونه ﴿ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها﴾ متعجبا من حذرها وتحذيرها واهتدائها إلى مصالح بني نوعها.
روي أنّه عليهالسلام لمّا سمع قول النملة قال : ائتوني بها ، فأتوا بها ، فقال لها : أما علمت أن جندي لا يظلمون ؟ قالت : بلى ، ولكن لمّا كنت أميرهم كان عليّ نصحهم. فقال سليمان : إنّ جندي كانوا يسيرون في الهواء ، فكيف كانوا يحطمونكم ؟ قالت : ما أردت حطمهم في الأرض ، بل أردت أن لا ينظروا إلى سلطانك وحشمتك ، فيشغلهم ذلك عن ذكر الله ، فيحطمهم الخذلان فتقبل قلوبهم إلى الدنيا ، والدنيا مبغوضة عند الله. فقال سليمان : صدقت. فقالت : أعلمت لم سمّي أبوك داود ؟ قال : لا قالت : لأنّه داوى جراحة قلبه بالودّ ، وهل تدري لم سمّيت سليمان ؟ قال : لا. قالت : لأنك سليم الصدر والقلب (٧) .
وعن الرضا عليهالسلام ، أنّه قال : « قالت النملة : ﴿يا أَيُّهَا النَّمْلُ﴾ الآية ، حملت الريح صوت النملة إلى سليمان عليهالسلام ، وهو (٨) [ مارّ ] في الهواء ، والريح قد حملته ، فوقف وقال : عليّ بالنملة ، فلمّا اتي بها قال سليمان : [ يا ] أيّتها النملة ، أما علمت أنّي نبيّ الله ، وأنّي لا أظلم أحدا ؟ قالت النملة : بلى. قال سليمان عليهالسلام : فلم تحذرينهم ظلمي وقلت : يا أيّها النمل ادخلوا مساكنكم ؟ قالت النملة : خشيت أن ينظروا إلى زينتك فيفتتنوا بها فيعبدوا غير (٩) الله عزوجل.
ثمّ قالت النملة : أنت أكبر أم أبوك داود ؟ قال سليمان : [ بل ] أبي داود. قالت النملة : فلم زيد في حروف اسمك حرف على حروف اسم ابيك ؟ قال سليمان : ما لي بهذا علم. قالت النملة : لأنّ أباك
__________________
(١) جوامع الجامع : ٣٣٦.
(٢) في تفسير روح البيان : الصحف الالهية.
(٣) تفسير روح البيان ٦ : ٣٣٣.
(٤) في تفسير روح البيان : تحمله.
(٥) في تفسير روح البيان : تسيره.
(٦) تفسير روح البيان ٦ : ٣٣٢.
(٧) تفسير روح البيان ٦ : ٣٣٤.
(٨) زاد في عيون أخبار الرضا عليهالسلام ، وتفسير الصافي : مارّ.
(٩) في عيون أخبار الرضا عليهالسلام : فيبعدون عن ذكر.