داوي جرحه بودّ فسمّي داود ، وأنت يا سليمان أرجو أن تلحق بأبيك.
ثمّ قالت النملة : هل تدري لم سخّرت لك الريح (١) ؟ قال سليمان : ما لي بهذا علم ، قالت النملة : يعني عزوجل بذلك لو سخرت لك [ جميع المملكة كما سخرت لك ] هذه الريح لكان زوالها من يدك كزوال الريح. فحينئذ تبسّم ضاحكا من قولها » (٢) .
وروى أنه عليهالسلام قال لها : كم عدد جندك ؟ قالت : إن لي أربعين ألف أمير ، تحت كلّ أمير أربعون ألف نقيب ، تحت كلّ نقيب أربعون ألف نملة. قال : لم لم تسكني أنت وجندك فوق الأرض ؟ قالت : اخترنا تحت الأرض لأن لا يطلّع على حالنا غير الله.
ثمّ قالت النملة : يا نبي الله أخبرني عن عطية من عطايا ربّك قال : إنّ الله سخّر لي الريح ، فتحمل بساطي وتسير به إلى أي مكان اريد. قالت : أتدري حكمة ذلك ؟ قال : لا. قالت : أراد الله أن ينبّهك بأن ملك الدنيا كالريح تجيء سريعا وتذهب سريعا ، فمن اعتمد على الدنيا فكأنّما اعتمد على الريح ، فعند ذلك ناجى سليمان ربه (٣)﴿وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي﴾ وأحبسني على ﴿أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَ﴾ من العلم والنبوّة والملك والعدل وفهم منطق الطير والحشرات وسائر الحيوانات ونحوها ﴿وَعَلى والِدَيَ﴾ داود وتيشائع بنت البائن (٤)﴿وَ﴾ على ﴿أَنْ أَعْمَلَ﴾ عملا ﴿صالِحاً﴾ وحسنا ﴿تَرْضاهُ﴾ وتقبله منّي إتماما للشكر واستدامة للنعمة ﴿وَأَدْخِلْنِي﴾ الجنة بعد ما قبضتني إليك ﴿بِرَحْمَتِكَ﴾ وفضلك ﴿فِي﴾ زمرة ﴿عِبادِكَ الصَّالِحِينَ.﴾
عن ابن عباس : أراد من الصالحين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وسائر الأنبياء (٥) .
وقيل : إن المعنى اجعلني أزع شكر نعمتك عندي ، وأكفه وأربطه بحيث لا ينفلت عنّي ولا أنفكّ عنه أصلا (٦) .
وفي الحديث : « النعمة وحشية ، قيّدوها بالشّكر » (٧) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفّروا أقصاها بقلّة الشكر » انتهى (٨) .
وإنّما شكر على النعم التي أنعم الله بها على والديه ، لأنّ النعمة على الوالدين نعمة على الولد ، فانّ
__________________
(١) زاد في عيون أخبار الرضا عليهالسلام وتفسير الصافي : من بين سائر المملكة.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٧٨ / ٨ ، تفسير الصافي ٤ : ٦٢.
(٣) تفسير روح البيان ٦ : ٣٣٤.
(٤) في تفسير روح البيان ٦ : ( ٣٣٥ : بتشايع بنت اليائن.
(٥) مجمع البيان ٧ : ٣٣٦.
(٦) تفسير البيضاوي ٢ : ١٧٣ ، تفسير أبي السعود ٦ : ٢٧٩ ، تفسير روح البيان ٦ : ٣٣٥.
(٧و٨) تفسير روح البيان ٦ : ٣٣٥.