على سائر الأديان.
وقيل : إنّ المراد من الناس أهل مكّة ، والمعنى : وإذ بشّرناك بأنّ الله أحاط بأهل مكة بالقهر والغلبة ، ويظهر دولتك عليهم ، فهو نظير قوله : ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾(١) .
روي أنّه لمّا تزاحف الفريقان يوم بدر ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله في العريش ، كان يدعو ويقول : اللهم إنّي أسألك عهدك ووعدك لي ، ثمّ خرج وعليه الدرع يحرّض الناس ويقول : سيهزم الجمع ويولّون الدّبر(٢).
في ذكر رؤيا النبي صلىاللهعليهوآله
ثمّ قيل : إنّ الله أرى النبي صلىاللهعليهوآله فى المنام مصارع الكفّار ، فأخبرهم بها فكذّبوه ، فذكّره الله تلك الرؤيا (٣) بقوله : ﴿وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ﴾ لغرض من الأغراض ﴿إِلَّا﴾ لتكون ﴿فِتْنَةً﴾ وابتلاء ﴿لِلنَّاسِ﴾ وسببا لتكذيبهم.
وقيل : إنّ المراد بالرؤيا الرؤيا التي رآها أنه يدخل مكة ، وأخبر بذلك أصحابه ، فلمّا منع [ عن البيت الحرام ] عام الحديبية كان ذلك فتنة لبعض القوم ، وقال عمر لأبي بكر : أ ليس قد أخبرنا رسول الله صلىاللهعليهوآله أنّا ندخل البيت ونطوف به ؟ فقال أبو بكر : [ إنّه ] لم يخبر أنّا نفعل ذلك في هذه السنة ، فسنفعل ذلك في سنة اخرى ، رواها الفخر الرازي (٤) .
وقيل : المراد رؤياه المعراج (٥) ، فإنّه كما كان له معراج في اليقظة كان له معراج في النوم.
وعن سعيد بن المسيب : رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله بني امية ينزون على منبرة نزو القردة ، فساءه ذلك ، قال الفخر : هذا قول ابن عباس في رواية عطاء. ثمّ قال : واعترضوا على هذين القولين ، بأن هذه السورة مكية ، وهاتان الواقعتان مدنيتان ، ثمّ ردّه بأنّ الواقعتين مدنيتان ، أمّا رؤيتهما في المنام فلا يبعد حصولهما في مكّة (٦) .
وعن ابن عباس : رأى رسول الله صلىاللهعليهوآله في المنام أن ولد مروان يتداولون منبره (٧) .
وعن العياشي ، عن الباقر عليهالسلام : أنّه سئل عن هذه الرؤيا. فقال : « إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله اري أن رجالا من بني تيم وعديّ على المنابر يردّون الناس عن الصراط القهقرى » (٨) .
وفي رواية اخرى عنه عليهالسلام : « أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد رأى رجالا من نار على منابر من نار ، يردّون الناس
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٠ : ٢٣٥ ، والآية من سورة القمر : ٥٤ / ٤٥.
(٢) تفسير الرازي ٢٠ : ٢٣٥.
(٣) تفسير الرازي ٢٠ : ٢٣٦ ، تفسير أبي السعود ٥ : ١٨٢.
(٤) تفسير الرازي ٢٠ : ٢٣٦.
(٥) تفسير الرازي ٢٠ : ٢٣٦ ، تفسير أبي السعود ٥ : ١٨١ ، تفسير روح البيان ٥ : ١٧٨.
(٦) تفسير الرازي ٢٠ : ٢٣٦ ، وفيه : حصولها في مكة.
(٧) تفسير الرازي ٢٠ : ٢٣٧.
(٨) تفسير العياشي ٣ : ٥٨ / ٢٥٤٤ ، تفسير الصافي ٣ : ١٩٩.