قالوا ، ولو كان معرفة ، ولا شكّ أنّ فيه معنى الوصف يجرى على المعارف ، وكيف يكون معرفه ، وهو يقع حالا ، انتهى.
«وكأخر» بضم الهمزة وفتح الخاء «في نحو : مررت بنسوة أخر» وبرجال أخر وبامرأة أخر وبامرأتين أخر وبرجلين أخر ، «لأنّ اسم التفضيل المجرّد عن اللام والإضافة مفرد مذكر دائما» كما مرّ في بابه ، لكنّهم قالوا : أخري وأخريين وآخرين وآخرين.
قال ابن هشام في الأوضح : وإنّما خصّ النّحويّون أخر بالذكر لأنّ في أخري ألف التأنيث ، وهي أوضح من العدل ، وأمّا آخرون وآخران فمعربان بالحروف ، فلا مدخل لهما في هذا الباب ، وأمّا آخر فلا عدل فيه ، وإنّما العدل في فروعه ، وإنّما امتنع من الصرف للوصف والوزن ، انتهى.
تنبيهات : الأوّل : قال في التصريح في جعل أخر من باب التفضيل إشكال ، لأنّه لا يدلّ على المشاركة والزيادة في المغايرة ، ومن ثمّ قال الموضح في الحواشي : الصواب أنّ أخر مشابه لأفصل من ثلاث جهات : إحداها : الوصف ، والثانية : الزيادة ، والثالثة أنّه لا يتقوّم معناه إلا باثنين مغاير ، كما أنّ أفضل إنّما يتقوّم معناه باثنين مفضّل ومفضّل عليه ، فلمّا أشبهه من هذه الجهات استحقّ أحكامه في جميع تصاريفه.
وعلى هذا فكان ينبغي أن لا تستعمل تصاريفه مع التنكير ، بل مع أل والإضافة لمعرفة ، فلمّا خولف بها عن ذلك كان ذلك عدلا عمّا استحقّه بمقتضي المشابهة ، فعلى هذا إذا قيل : مررت بنسوة أخر ، كان معدولا عن آخر بالفتح والمدّ ، ولا تقول عن الاخر ، لأنّه نكرة لجرى ه على نكرة معنا ، ولا عن آخر لما بينّا من انتفاء حقيقة التفضيل من هذه الكلمة ، وكثير غلط في المسألة ، انتهى.
الثاني : إذا كان أخري بمعنى آخرة بكسر الخاء مقابله الأولى جمعت على أخر مصروفا ، لأنّه غير معدول ، لأنّ مذكّرها آخر بالكسر ، فليست من باب اسم التفضيل.
«ويقدّر العدل فيما» ، أي في اسم «سمع غير منصرف وليس فيه» من أسباب منع الصرف علّة ظاهرة «سوى العلميّة كزحل وعمر بتقدير زاحل وعامر» فهما معدولان عنهما ، لا لقياس دلّ على ذلك ، بل لمّا رأوهما ممنوعين من الصرف ، وليس فيهما بحسب الظاهر إلا سبب واحد وهو العلميّة ، ولا يستقلّ بالمنع اجماعا ، احتى ج إلى تقدير سبب آخر ، ولم يمكنهم غير العدل ، فقدّروه ، كيلا تنخرم القاعدة المعلومة بالاستقراء من كلامهم ، فما سمع منصرفا ، فليس بمعدول نحو : لبد (١) ، أو سمع غير منصرف ، وفيه مع
__________________
(١) لبد : اسم آخر نسور لقمان بن عاد سمّاه بذلك لأنه لبد فبقي لا يذهب ولا يموت كاللبد من الرجال اللازم لرحله لا يفارقه ، ولبد ينصرف لأنّه ليس بمعدول. لسان العرب ٤ / ٣٥٢٨.