بلفظ الضرب لا تخفى المبالغة في كيفية الإلقاء وكمّية السّتر بحيث تستر وتغطي خمرهنّ إضافة على الرأس والرقبة جيوبهن ، مع أن وضع الخمر في الجاهلية كان لسترهما فقط والجيوب جمع الجيب وهو من القميص موضع الشقّ الذي فيه طول قدّام الصّدر أحد طرفيه الأعلى يصل الى المنحر والآخر إلى السّرة أو قريبا منها. وقيل هو طوق القميص ، وقيل إن الجيب هو الصّدر هنا ، والحاصل أنّه تعالى أمر النساء المؤمنات بستر الجيوب مبالغة تأكيدا بالتبديل الذي أشرنا إليه بل صرّحنا به وباللّام الداخلة على الفعل تحصيلا للعفّة وتكميلا لعصمة نساء الأمة الإسلاميّة ، ولكن ، وا أسفا وألف أسف إن كان الأسف يجدي على نسوة المسلمين الاسميّة الكاسيات العاريات المثقّفات الكاشفات اللواتي لا يعرفن العفة ولا يدركن معنى العصمة ، بل يعددنهما من الموهومات وخرافات العصور القديمة ، فعلى إسلامهن السّلام (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ) كرّره مقدّمة لبيان من يحلّ له الإبداء ومن لا يحلّ ، وسابقا لبيان ما يجوز إظهاره وما لا يجوز من الزينة. ومن يحلّ هم الذين استثناهم الله تعالى بقوله (إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَ) إلى قوله : (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا) الآية ، والمراد بقوله (أَوْ نِسائِهِنَ) يعني المؤمنات فلا يتجرّدن للكافرات ، وفي التبيان أن غير المسلمات مطلقا في حكم الرّجال غير المحارم. وقيل إن الأمة إذا كانت مملوكة لا بأس أن تتجرّد السيّدة المالكة لها عندها ولو كانت كافرة لقوله (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَ) وهذا عام يشمل الكافرة والمسلمة بل قيل يشمل العبيد أيضا (أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ) والمراد بالتابعين هم الذين يتبعون الناس ويدخلون معهم البيوت لفضل طعام أو ما يحتاجون إليه ، ولا حاجة لهم إلى النساء لهرم أو بله أو جنون وأمثالهم ممن لا يعرفون من أمرهن شيئا أو ينصرفون عنهنّ كالشيوخ الفانية والعجائز المزمنة لمرض أو كبر سنّ. (أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ) الطّفل اسم جنس ، وهو إذا وقع موضع الجمع واتّصف بالجمع يراد منه الجمع ، والمعنى في الشريفة أن الطّفل إذا كان بحيث لم يعرف العورة ولم يميّزها لقلّة سنّه وعدم بلوغه حدّ