القليلين الذين مدحهم الله. وفي سنة وفاته لمّا دخل بيت المقدس رأى فيه شجرا فسأله ما اسمك؟ قال : خروبة. قال : لم سمّيت خروبة؟ فأجاب لأنه بعدي يخرب بيت المقدس. فتطيّر سليمان بأنه يخبره عن موته لأنّه قال ما دمت أنا حيّا فلا يقدر أحد على خرابه. فأمر بقلعه ، ثم مات سليمان في تلك السّنة وجاء بختنصّر وملك الشامات وخرّب بيت المقدس ، ويؤيّد ما ذكرناه بما في الكافي عن الصّادق عليهالسلام إذ قال : إن الله عزوجل أوحى إلى سليمان بن داود أن آية موتك أن شجرة تخرج من بيت المقدس يقال لها خرنوبة. قال فنظر سليمان يوما فإذا الشجرة الخرنوبة قد طلعت في بيت المقدس فقال لها ما اسمك؟ قالت : خرنوبة. قال (ع) فولى سليمان مدبرا إلى محرابه فقام فيه متّكئا على عصاه فقبض روحه من ساعته. (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ) أي حكمنا بموته ما دلّ الجنّ والشياطين على موته (إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ) الأرضة ، فإنّها أكلت عصاه فسقط عليهالسلام فعلموا أنه ميّت. ولكنّهم علموا بعد سنة وذلك لأنه عليهالسلام لمّا علم بموته وصّى أهله بأن يعموا موته على الجنّ مضافا إلى أنّه دعا ربّه لذلك وقال : اللهمّ عمّ على الجنّ عن موتي وكان منه ذلك الدّعاء بالتعمية على الجنّ لأغراض : أولا ليعلم الإنس أنّ الجن لا يعلمون الغيب وقد كان عقيدة الإنس أنهم يعلمون الغيب. وثانيا أنّه كان يشتغل ببناء بيت المقدس وكلّف الجن ببنائه بأشغال شاقة صعبة قد خرجت عن أيدي الإنس لعدم قدرتهم عليها وعدم علمهم بكيفيّتها. وثالثا ليعلم الجنّ والإنس أنّ الأجل إذا حضر وقته فلا يتأخّر ولو كان صاحبه مثل سليمان بتلك السّلطة والملك والقدرة ، فإنّه ما أمهله حتى يخبر أهله ليدخلوا عليه حين موته حتى يودّعهم ويودّعوه ويفرشوا له فراش موته ويوجّهوه إلى ما يوجّهون به موتاهم فبقي عليهالسلام بعد موته على تلك الحالة سنة حتّى فرغوا من بناء بيت المقدس بالكيفية التي أمرهم سليمان عليهالسلام وحصلت الأغراض والحكمة في كيفيّة موته على ما كان ، ولعلّ أصلها منشأة بالشين ، وقد سمّيت بها لأن المواشي ترعى بها. وعلى هذا كانت لفظا