عبريّا فترجمت إلى العربي وهي العصا فأمر الله سبحانه الأرضة فأكلت منسأته أي عصاه التي اتّكأ عليها وقبض على تلك الهيئة (فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُ) أي سقط سليمان ميّتا وظهر ذلك واتّضح (أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) قوله (أَنْ لَوْ كانُوا) بدل اشتمال من الجنّ كقول القائل : تبيّن زيد وجهه. فمعنى تبيّنت الجن اتّضح ذلك لهم وظهر ، من تبيّن الشيء إذا ظهر وتجلّى ، والإبانة وبينّ وتبيّن واستبان كلها جاءت بمعنى الوضوح والانكشاف أي العلم بالشيء ، فيصحّ أن نفسر التبيّن بمعنى العلم ، فقوله : تبيّنت الجن ، يعني علمت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ـ كما يزعمون ـ ما لبثوا في العذاب فإنهم لا يعلمون الغيب ولو علموه ما بقوا إلى ما بعد سنة في العمل الشاق. وقرئ تبيّنت الإنس ونسبت هذه القراءة إلى السّجاد والصّادق ، أي علمت الإنس أن الجن لو كانوا ، الآية ... فإن الإنس كانوا معتقدين ب. هم عالمون بالغيب ، فلما سقط ميّتا بعد سنة ظهر أنّ ما زعموه كان باطلا. والحاصل أنّ يوم قبض روحه كان يوما جعله لسروره وجلس فيه ليسرّ تمام ذلك اليوم وكان في قبّة من قوارير. فبينا هو قائم متكّئا على عصاه في القبة ينظر إلى الجن كيف يعملون ويبنون المسجد وهم ينظرون إليه نظر وحشة وخوف ولا يصلون إليه لأنه منع في ذلك اليوم وفي ذلك القصر الدخول عليه ، فإذا برجل شابّ حسن الوجه معه في القبة ، فقال : من أنت ومن أدخلك؟ فقال : أنا الذي لا أقبل الرّشى ولا أهاب الملوك ، وأدخلني هذا القصر ربّه وبإذنه دخلت. فقال : ربّه أحقّ به منّي فمن أنت؟ قال : أنا ملك الموت. قال : وفيما جئت؟ قال : لأقبض روحك. قال : امض لما أمرت به ، فهذا يوم سروري وأبى الله عزوجل أن يكون لي سرور دون لقائه. وفي الاحتجاج عن الصّادق عليهالسلام أنه سئل كيف صارت الشياطين أمثال الناس في الخلقة والكثافة وقد كانوا يبنون لسليمان بن داود من البناء ما يعجز عنه ولد آدم؟ قال : غلظوا لسليمان كما سخّروا له ، وهم خلق رقيق غذاؤهم التنسّم. والدليل على ذلك صعودهم إلى السّماء لاستراق