حتى لا ينجو منهم أحد (١) . وقيل : يعني قرّبناهم من الموت (٢) .
﴿وَأَنْجَيْنا﴾ من الغرق ﴿مُوسى وَمَنْ مَعَهُ﴾ من بني إسرائيل ﴿أَجْمَعِينَ﴾ بحفظ البحر على هيئته إلى أن خرجوا إلى أن البرّ ﴿ثُمَّ أَغْرَقْنَا﴾ فيه القوم ﴿الْآخَرِينَ﴾ المتّبعين لموسى باطباقه عليهم.
عن الصادق عليهالسلام : « لمّا قرب موسى من البحر وقرب فرعون من موسى ، قال أصحاب موسى : إنّا لمدركون » إلى أ ، قال : « فدنا موسى عليهالسلام من البحر ، فقال له انفرق (٣) . فقال البحر : استكبرت يا موسى عن (٤) أن انفرق (٥) لك ولم أعص الله عزوجل طرفة عين ، وقد كان فيكم العاصي (٦) ؟ فقال له موسى عليهالسلام : فاحذر أن تعصي وقد علمت أن آدم اخرج من الجنة بمعصيته ، وإنّما لعن إبليس بمعصيته. فقال البحر : ربّي عظيم مطاع أمره ، ولا ينبغي لشيء أن يعصيه. فقام يوشع بن نون فقال لموسى يا نبي الله ، ما أمر (٧) ربّك ؟ قال : بعبور البحر فأقحم يوشع فرسه في الماء ، فأوحى الله عزوجل إلى موسى : ﴿أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ﴾ فانفق ، فكان كلّ فرق كالطّود العظيم ، أي كالجبل العظيم ، فضرب له في البحر اثني عشر طريقا ، فأخذ كلّ سبط منهم في طريق ، فكان الماء قد ارتفع وبقيت الأرض يابسة ، طلعت فيها الشمس فيبست ، كما حكى الله عزوجل : ﴿فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى﴾(٨) ودخل موسى عليهالسلام وأصحابه البحر » .
إلى أن قال : « فأخذ كل سبط في طريق ، وكان الماء قد ارتفع على رؤوسهم مثل الجبال ، ففزعت (٩) الفرقة التي كانت مع موسى في طريقه ، فقالوا : يا موسى ، أين إخواننا ؟ فقال لهم : معكم في البحر ، فلم يصدّقوه ، فأمر الله عزوجل البحر فصار طاقات ، حتى كان ينظر بعضهم إلى بعض ويتحدّثون ، وأقبل فرعون وجنوده ، فلمّا انتهى إلى البحر قال لأصحابه : ألا تعلمون أنّي ربّكم الأعلى قد فرج لي البحر ، فلم يجسر أحد أن يدخل البحر ، وامتنعت الخيل منه لهول الماء ، فتقدّم فرعون حتى جاء إلى ساحل البحر ، فقال له منجّمه : لا تدخل البحر وعارضه ، فلم يقبل منه ، وأقبل على فرس حصان ، فامتنع الحصان أن يدخل الماء ، فعطف عليه جبرئيل ، وهو على ماديانة (١٠) فتقدّمه ودخل ، فنظر الفرس إلى الرمكة فطلبها ، ودخل البحر ، واقتحم أصحابه خلفه ، فلمّا دخلوا كلّهم - حتى كان آخر من دخل من
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٤ : ١٣٩.
(٢) تفسير الرازي ٢٤ : ١٤٠.
(٣) في تفسير القمي : انفلق.
(٤) ( عن. ليست في تفسيري القمي والصافي.
(٥) في تفسير القمي : أن تقول لي انفلق.
(٦) في تفسير القمي : المعاصي.
(٧) في تفسيري القمي والصافي : أمرك.
(٨) طه : ٢٠ / ٧٧.
(٩) في تفسيري القمي والصافي : فجزعت.
(١٠) الماديانة : لفظ أعجمي ، يراد به الانثى من الخيل ، ويقال له بالعربية : الرّمكة ، وهي الفرس تتخذ للنتاج.