[ في ( الاحتجاج ) عن الصادق عليهالسلام : « الروح لا يوصف بثقل ولا خفّة ، وهي جسم رقيق ألبس قالبا كثيفا ] فهي بمنزلة الريح في الزّق (١) ، فاذا نفخت فيه امتلأ الزّقّ منها ، فلا يزيد في وزن الزّق ولوجها ، ولا ينقصه خروجها ، وكذلك الروح ليس لها ثقل ولا وزن » .
قيل : افيتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه أم هو باق ؟ قال : « بل هو باق إلى يوم ينفخ في الصّور ، فعند ذلك تبطل الأشياء وتفنى ، فلا حسّ ولا محسوس ، ثمّ اعيدت الأشياء كما بدأها مدبّرها ، وذلك أربعمائة سنة يسبت (٢) فيها الخلق ، وذلك بين النّفختين » .
وقال : « إنّ الروح مقيمة في مكانها ؛ روح المؤمن (٣) في ضياء وفسحة ، وروح المسيء في ضيق وظلمة ، والبدن يصير ترابا » (٤) .
وعن كميل بن زياد ، قال : سألت مولانا أمير المؤمنين عليا عليهالسلام ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، اريد أن تعرّفني نفسي. قال : « يا كميل ، وأيّ الأنفس تريد أن اعرّفك ؟ » قلت : يا مولاي ، هل هي إلّا نفس واحدة ؟ قال : « يا كميل ، إنّما هي أربعة : النامية النباتية ، والحسية الحيوانية ، والناطقة القدسية ، والكلية الالهية - إلى أن قال : - والناطقة القدسية لها خمس قوى : فكر ، وذكر ، وعلم ، وحلم ، ونباهة ، وليس لها انبعاث ، وهي أشبه الأشياء بالنفوس الفلكية ، ولها خاصيتان : النزاهة والحكمة.
والكلية الالهية لها خمس قوى : بقاء في فناء ، ونعيم في شقاء ، وعزّ في ذلّ ، وفقر في غناء ، وصبر في بلاء ، ولها خاصيتان : الرضا ، والتسليم ، وهذه هي التي مبدؤها من الله ، وإليه تعود ، قال الله: ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾(٥) وقال تعالى : ﴿يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً﴾(٦) والعقل [ في ] وسط الكلّ » (٧) .
وعن أحدهما عليهماالسلام في هذه الآية ، سئل ما الروح ؟ قال : « التي في الدوابّ والناس » ؟ قيل : وما هي ؟ قال : « هي من الملكوت والقدرة » (٨)
وقيل : إنّ المراد أن الروح وحقيقته من الأسرار الخفية التي استأثر الله بعلمه لا يكاد يحوم حولها عقول البشر (٩) .
﴿وَما أُوتِيتُمْ﴾ أيها الناس ﴿مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً﴾ في جنب علم الله ، وإن كان كثيرا بالنسبة إليكم ،
__________________
(١) الزّقّ : وعاء من جلد يجزّ شعره ولا ينتف.
(٢) سبت : نام واستراح وسكن.
(٣) في المصدر : المحسن.
(٤) الاحتجاج : ٣٥٠ ، تفسير الصافي ٣ : ١٠٩.
(٥) الحجر : ١٥ / ٢٩.
(٦) الفجر : ٨٩ / ٢٧ و٢٨.
(٧) بحار الأنوار ٦١ : ٨٥ ، تفسير الصافي ٣ : ١١١.
(٨) تفسير العياشي ٣ : ٨١ / ٢٦٠٥ ، تفسير الصافي ٣ : ٢١٤ ، وفيهما : من القدرة.
(٩) تفسير أبي السعود ٥ : ١٩٢.