أولى ، قال تعالى : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) [البقرة / ٩٦] ، ولم يقل : حرصى بالياء.
وعن ابن السراج أنّه أوجب عدم المطابقة ، وردّ بقوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا) [هود / ٢٧] ، (وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها) [الأنعام / ١٢٣] ، قال في الأوضح : فإن قدّر أكابر مفعولا ثانيا ، ومجرميها مفعولا أوّلا ، لزمه المطابقة في المجرّد من أل والإضافة.
«وعلى هذا» القصد «يمتنع أن يقال : يوسف أحسن إخوته» لخروجه عنهم لفظا بإضافتهم إليه ، لأنّ إخوة يوسف غير يوسف. «وإن قصد تفضيله» أي تفضيل موصوفه تفضيلا «مطلقا» ، أي غير مقيّد بكونه على من أضيف إليه ، بل على كلّ من سواه ، فالمطابقة لا غير ، لمشابهته باسم الفاعل في عدم المشاركة ، فجرى مجراه في وجوب المطابقة وإضافة اسم التفضيل حينئذ للتوضيح ، كما تضيف سائر الصفات ، نحو : مصارع مصر وحسن القوم ، ممّا لا تفضيل فيه ، فلا يجب كونه من المضاف إليه.
فيجوز بهذا المعنى أن تصيفة إلى جماعة ، هو دخل فيهم ، نحو قولك : نبيّنا (ص) أفضل قريش ، بمعنى أفضل الناس من قريش ، وأن تضيفه إلى جماعة من جنسه ليس داخلا فيهم ، نحو : يوسف أحسن إخوته ، والزيدان أحسنا إخوتهما ، والزيدون أحسن إخوتهم ، أي يوسف أحسن الناس من بينهم ، وكذا الباقي ، وأن تضيفه إلى غير جماعة ، نحو : فلان أعلم بغداد ، أي أعلم ممّن سواه ، وهو مختصّ ببغداد ، لأنّه منشأه أي مسكنه ، وإن قدّرت المضاف ، أي أعلم أهل بغداد فهو مضاف إلى جماعة يجوز أن يدخل فيهم.
تنبيهات : الأوّل : وقع فيما وقفت عليه من نسخ هذا المتن ما نصّه : وإن قصد تفضيله مطلقا فمفرد مذكر مطلقا ، نحو : يوسف أحسن إخوته ، والزيدان أحسن إخواتهما ، وهو غلط صريح ، بل المطابقة واجبة إجماعا كما في سائر المتون ، حتى التهذيب للمصنّف ، ولم يتنبّه لذلك بعض من كتب على هذا الكتاب من طلبة العجم المعاصرين ، فشرحه على هذا العبارة ، وهو غلط واضح ، ووهم فاضح ، فاحذره.
وحاشا المصنّف أن يقع له مثل هذا الغلط الّذي لا يخفي على أدني طلبته فضلا عن مثله ، فلذلك غيّرت العبارة وأصلحتها ، إذ لا يمكن حملها إلا على تغيير النسّاخ كما قبل [من الطويل] :
٦٥٠ ـ فكم أفسد الراوي كلاما بعقله |
|
وكم حرّف المنقول قوم وصحّفوا |
وكم ناسخ أضحي لمعنى مغيّرا |
|
وجاء بشيء لم يرده المصنّف (١) |
__________________
(١) ما وجدت البيتين.