وقد يجاب بأنّ الظرف يتعلّق بالوهم ، وفي ليس رائحة قولك : انتفي ، وبأن الفصل بالتمييز قد جاء في الضرورة في قوله [من المتقارب] :
٦٤٩ ـ على أنّني بعد ما قد مضي |
|
ثلاثون للهجر حولا كميلا (١) |
وأفعل أقوى في العمل من ثلاثون ، قاله ابن هشام في المغني.
تنبيه : لا بدّ في المطابقة من ملاحظة السماع ، قال أبو سعيد على بن سعد (٢) في كفاية المستوفي ما ملخّصه : ولا يستثنى في الجمع والتانيث عن السماع ، فإنّ الأشرف والأظرف لم يقل فيهما الأرشاف والشرفى ، والأظارف والظرفى ، كما قيل ذلك في الأفضل والأطول. وكذلك الأكرم والأمجد قيل فيهما : الأكارم والأماجد ، ولم يسمع فيهما الكرمى والمجدى ، انتهى ، قاله في التصريح.
«الثالث» : وهو المستعمل مضافا ففيه تفضيل ، فإنّه «إن قصد به تفضيله» ، أي تفضيل موصوفه «على من أضيف» اسم التفضيل إليه ، والتعبير بمن على سبيل التغليب ، فلا نقض بنحو : أعدى الخليل وأحسن الطير ، وهذا هو الأكثر استعمالا ، لأنّ وضعه لتفضيل الشيء على غيره ، فالأولى ذكر المفضّل عليه. «وجب كونه منهم» أي وجب كون موصوفه ممّن أضيف إليهم ، قيل : والأولى أن يقال : منه لئلّا يوهم ضمير الجمع أنّ المضاف إليه يجب أن يكون جمعا فينقض بنحو : زيد أفضل الرجلين ، وإنّما وجب كونه منهم لتحصل المشاركة بين الجميع في المعنى لذكره معهم ليصحّ تفضيله عليهم ، وأورد أنّ وجوب كونه منهم تستلزم تفضيل الشيء على نفسه ، وأجيب بأنّه داخل فيهم افرادا خارج منهم تركيبا ، أو داخل فيهم لفظا خارج عنهم إرادة ، فلا يلزم ذلك.
وبهذا يندفع أيضا ما أورده الرضيّ على ابن الحاجب من أنّ قوله على من أضيف إليه ليس بمرضيّ ، لأنّه مفضّل على ما سواه من جملة ما أضيف إليه ، وليس مفضّلا على كلّ ما أضيف إليه ، وكيف ذلك ، وهو من تلك الجملة ، فيلزم تفضيل الشيء على نفسه.
«وجازت المطابقة وعدمها» وهو الإفراد والتذكير ، «نحو : الزيدان أعلما الناس أو أعلمهم» ، والزيدون أفضلوا الناس وأفضلهم ، وهند فضلى النساء وأفضلهنّ ، أمّا المطابقة فلمشابهته للمعرّف بأل في التعريف ، وأمّا عدمها فلمشابهته أفعل في كون المفضّل عليه مذكورا ، وليس الوجهان متساوين كما يوهمه كلامه ، بل عدم المطابقة
__________________
(١) هو للعباس بن مرداس. اللغة : الحول : العام ، الكميل : الكامل.
(٢) لم أجد ترجمه حياته.