يصير كأنّه خارج عن وضع كلام العجم ، لأنّ أكثر كلامهم على الطول ، ولا يراعون الأوزان الخفيفة بخلاف كلام العرب ، انتهى.
وذهب قوم منهم ابن الحاجب إلى اعتبار تحرّك الأوسط من الثلاثيّ في تحتّم منع صرفه بخلاف ساكنه فيتحتّم صرفه ، قال المراديّ : ونقل عن عيسى بن عمر وتبعه ابن قتيبة والجرجانيّ جواز المنع والصرف في الساكن الوسط. قلت : وبه قال الزمخشريّ أيضا ، ويتحصل في الثلاثي أقوال :
إحداها : تحتّم الصرف مطلقا. الثاني : تحتّم المنع في محرك الوسط ككمك اسم أبي نوح (ع) ، وتحتّم الصرف في ساكنه. الثالث : منع صرف المتحرّك الوسط ، والوجهان في ساكنه.
تنبيهات : الأوّل : قالوا : إنّ جميع أسماء الانبياء لا ينصرف إلا محمدا (ص) وصالحا وشعيبا وهودا لعربيّتها ، ونوحا ولوطا لانتفاء شرط العجمة ، وقيل : هو كنوح حيث قرنه سيبويه معه (١) ، ويؤيّده تقدّمه على إسماعيل ، وإنّه لا عرب قبل هذا ، وفيه أنّ شيثا وعزيرا منصرفان أيضا ، قاله بعض المحقّقين.
وفي البحر للرزكشي (٢) قد روى عن ابن عباس : إنّ أوّل من تكلّم بالعربية المحضة إسماعيل ، وأراد به عربية قريش الّتي نزل بها القرآن ، وأمّا عربية قحطان وحمير فكانت قبل اسماعيل. انتهى.
وفي الكشاف إنّ من لم ينوّن عزيز جعله غير منصرف للعلميّة والعجمة ، ومن صرفه جعله عربيّا ، وفي القاموس عزير منصرف لخفّته.
وذكر بعضهم أنّ أسماء الملائكة ممتنعة من الصرف إلا أربعة ، منكر ونكير ومالك ورضوان.
الثاني : لا عبرة باتّفاق الألفاظ ولا باتّفاق الأوزان ، أمّا الأوّل فإسحاق ويعقوب وموسى أسماء الأنبياء غير منصرفة ، وإسحاق مصدر أسحق الضرع ، إذا ذهب لبنه ، ويعقوب لذكر الحجل ، وموسى لما يلحق به مصروفه ، ومن قال : إنّما سمّي يعقوب ، لأنّه خرج من بطن أمّه آخذا بعقب عيص (٣) ، فهو من موافقة اللفظ ، وليس بمشتقّ ، لأنّ الاشتقاق من العربيّ يوجب الصرف.
__________________
(١) من هود حتى هنا محذوف في «ح».
(٢) الرزكشي (بدر الدين) (ت ٧٤٩ ه / ١٣٩٢ م) فقيه شافعيّ مصريّ ، من آثاره «لقطه العجلان» و «البحر المحيط» في الأصول و «الديباج في توضيح المنهاج» المنجد في الأعلام ، ص ٣٧٨.
(٣) العيص قد جاء في إعراب المحيط : و [يعقوب] عربي ، وهو ذكر القبج (الحجل) ، وهو مصروف ، ولو سمي بهذا لكان مصروفا. ومن زعم أن يعقوب النبي أنّما سمّي يعقوب لأنّه هو وأخوه العيص توأمان ، فخرج العيص أولا ثمّ خرج هو يعقبه ، أو سمّي بذلك لكثرة عقبه ، فقوله فاسد ، إذ لو كان كذلك لكان له اشتقاق ــ عربي ، فكان يكون مصروفا. (اعراب المحيط سورة بقرة). وجاء في معجم البلدان : وقال ابن الكلبي : ولد لإسحاق بن إبراهيم الخليل (ع) ، يعقوب ، وهو إسرائيل (ع) ، والعيص ، وهو عيصو وهو أكبرهم ، وقد ولدا توأمين وإنّما سمّي يعقوب لأنّه خرج من بطن أمّه آخذا بعقب العيص ، وقال آخرون : سمّي يعقوب لأنّه هو والعيص وقت الولادة تخاصما في الولادة فكل أراد الخروج قبل صاحبه وكان إسحاق (ع) ، حاضرا وقت الولادة فقال اعقب يا يعقوب ، وقال أهل الكتاب : إنّما سمّي عيصو بهذا الإسم لأنّه عصى في بطن أمّه وذاك أنّه غلب على الخروج قبله مثل ما ذكرناه ، وخرج يعقوب على أثره آخذا بعقبه فلذلك سمّي يعقوب ، (معجم البلدان «روم»)