وأمّا نحو : الترامي والتغازي فالأصل فيه ضمّ ما قبل الآخر لكنّه كسر لأجل الياء ، وأمّا نحو : هوازن لقبيلة من قيس وشراحيل علم لشخص فمنقولان عن الجمع ، وأمّا نحو : يمانيّ وشاميّ في المنسوب إلى اليمن والشام فالألف فيهما عوض من إحدى يائي النسبة والألف الّتي هي بدل من الأخرى ، وياء النسبة عارضة لا اعتداد بها في الوزن ، وقال سيبويه : منهم من يقول : يمانيّ وشاميّ بتشديد الياء ، وهو قليل.
«وألحق به» أي بهذا الجمع في منع الصرف «حضاجر» للضبع ، وهي الأنثى كعلمية أسامة للأسد ، ويسمّى الذكر ضبعان «للأصل» أي لكونه في الأصل جمعا لحضجر كقمطر (١) ، ثمّ نقل منه إلى العلميّة ، فعلم بذلك أنّ المعتبر في منع الجمع المذكور أن يكون موضوعا في الأصل للجمع ، كما أنّ المعتبر في الوصف كونه كذلك في الأصل ، فلا يضرّ زوال الجمع بالعلميّة ، لأنّه عارض ، كما لا تضرّ غلبة الاسميّة في الوصف الأصليّ لعروضها ، إذ الاصل لا يتعدّ بالعارض. وما ألطف ما أنشده الشيخ أبو حيّان لنفسه [من السريع] :
٦٦٣ ـ راض حبيبي عارض قد بدا |
|
يا حسنه من عارض رائض |
فظنّ قوم أنّ قلبي سلا |
|
والأصل لا يعتدّ بالعارض |
تنبيه : قال في الهمع : ولو سمّيت بهذا الجمع كمساجد ، فلا خالف في منع صرفه ، فقد منعت العرب شراحيل من الصرف ، وهو جمع سمّي به الرجل ، انتهى.
وفي دعوى عدم الخلاف نظر ، فقد قال الرضيّ : وهو العمدة فيما ينقل ، وكان سعيد الأخفش يصرف نحو : مساجد علما لزوال السبب ، وهو الجمع ، وهو خلاف المستعمل ، انتهى.
ولعلّه لم يتعدّ الخلاف فعدّه كالعدم ، وألحق به سراويل على الأشهر مع أنّه مفرد للشبه عند سيبويه وأبي على ، قالا : إنّه اسم عجميّ معرّب ، لكنّه أشبه من كلامهم ما لا ينصرف قطعا كقناديل ، فحمل ما يناسبه فمنع الصرف ، قال الشاعر [من الطويل] :
٦٦٤ ـ ... |
|
فتي فارسيّ في سراويل رامح (٢) |
فعلى هذا ليس فيه من الأسباب شيء ، لأنّ العجمة شرطها العلميّة ، والتأنيث المعنويّ مشروط بها أيضا.
__________________
(١) القمطر : الجمل القوي السريع ، وقيل : الجمل الضخم القويّ.
(٢) صدره «أتى دونها الرّياد كأنّه» ، وهو لتميم بن مقبل. اللغة : الذب : الثور الوحشي ، ويقال له ذبّ الرّياد لأنّه يرود : أي يذهب ويجئ ولا يثبت في موضع.