عنه ، والصحيح جواز هذا ، لأنّ الحذف يدلّ على اتّفاق الحرفين. ولو كانا متباينين لم يجز الحذف ، لأنّه مشروط فيه اتّفاق الحرفين كما عرفت.
الحالة الثالثة : أن يكون مرفوعا ، فإن كان فاعلا أو نائبا عنه أو خبرا لمبتدإ أو لناسخ لم يجز الحذف ، نحو : جاءني اللذاني قاما أو ضربا ، وجاء الّذي الفاضل هو ، أو أنّ الفاضل هو.
وإن كان مبتدأ ، جاز بشروط :
أحدها : أن لا يكون بعد حرف نفي ، نحو : جاءني الّذي ما هو قائم.
الثاني : أن لا يكون بعد أداة حصر ، نحو : جاءني الّذي ما في الدار إلا هو ، أو الّذي إنّما في الدار هو.
الثالث : أن لا يكون معطوفا على غيره ، نحو : جاءني الّذي زيد ، وهو منطلقان.
الرابع : أن لا يكون معطوفا عليه ، نحو : جاءني الّذي هو وزيد فاضلان ، ولم يعتبر الفرّاء هذا الشرط ، فجاز حذفه ، وردّ بأنه لم يسمع ، وبأنّه يودّي إلى وقوع حرف العطف صدرا.
الخامس : أن لا يكون خبره جملة ولا ظرفا ولا مجررا ، كقوله تعالى : (الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ) [الماعون / ٦] ، وقولك : جاءني الّذي هو في الدار ، لأنّه لو حذف لم يدر أحذف من الكلام شئ أم لا ، لأنّ ما بعده من الجملة والظرف صالح لأن يكون صلة.
السادس : أن تطول الصلة ، شرط ذلك البصريّون ، ولم يشترط الكوفيّون ، فأجازوا الحذف من قولك : جاءني الّذي هو فاضل لوروده في قراءة : (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) [الأنعام / ١٥٤] ، بالرفع ، أي هو أحسن وقوله [من البسيط] :
٨٩٦ ـ من يعن بالحمد لم ينطق بما سفه |
|
ولم يحد عن سبيل الحلم والكرم (١) |
أي بما هو سفة ، جعل البصريّون ذلك نادرا.
ومحلّ الخلاف في غير أيّ ، أما في أيّ فلا يشترط فيها الطول اتّفاقا ، لأنّها مفتقر إلى الصلة وإلى الإضافة ، فكانت أطول ، فحسن معها تخفيف اللفظ ، ومثال ما اجتمعت فيه الشروط والطول قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) [الزخرف / ٨٤] ، أي هو إله.
لطيفة : قال أبو محمد الحريريّ في درّة الغواص من أوهام الخواص : إنّهم يقولون : الحمد لله الّذي كان كذا ، فيحذفون الضمير العائد إلى اسم الله تعالى الّذي به يتمّ الكلام ، وتتعقد الجملة وتنتظم الفائدة ، والصواب أن يقال : الحمد لله إذ كان كذا ، أو
__________________
(١) لم ينسب إلى قائل معيّن.