أو «وإمّا لازمه قبل المعطوف عليه بها» ، أى بإمّا العاطفة ، أي يلزم أن يكون قبل المعطوف عليه بها إمّا أخرى ، تقول : قام إمّا زيد وإمّا عمرو ، إيذانا من الأوّل الأمر بما بني عليه الكلام من شكّ أو غيره ، وقد سمع ترك إمّا الأولى كقوله [من الطويل] :
٩٥٦ ـ تلمّ بدار قد تقادم عهدها |
|
وإمّا بأموات ألمّ خيالها (١) |
والفرّاء يقيسه ، فيجيز : زيد يقوم وإمّا يقعد ، ويجريها مجرى أو ، والبصريّون لا يجيزون فيها إلا التكرير ، وما سمع منها بغير تكرير فنادر ، ولا يقاس عليه.
«ولا تنفكّ» أمّا الثانية «عن الواو غالبا» والمشهور أنّ هذه الواو زائدة لتأكيد العطف ورفع الالتباس بغير العاطفة على المشهور من أنّ إمّا عاطفة ، وقد علمت أنّ منهم من ذهب إلى أنّها هي العاطفة. وقضية كلام ابن الحاجب في شرح المفصّل أنّها من نسخ الكلمة لا زائدة ولا عاطفة ، ومن مجيئها بدون الواو في غير الغالب قوله [من الرجزء المجزوء] :
٩٥٧ ـ لا تفسدوا آبالكم |
|
أيما لنا أيما لكم (٢) |
بفتح الهمزة وإبدال الميم ياء وقوله [من البسيط] :
٩٥٨ ـ ... |
|
أيما إلى جنة أيما الى النار (٣) |
وقد يستغنى عن إمّا الثانيه بـ «وإلا» ، نحو : إمّا أن تتكلّم بخير وإلا فاسكت ، وقول المثقب العبدى (٤) [من الوافر] :
٩٥٩ ـ فإمّا أن تكون أخي بصدق |
|
فأعرف منك غثي من سميني |
وإلا فاطّرحني واتّخذني |
|
عدوّا أتقيك وتتّقيني (٥) |
وبأو كقوله [من الطويل] :
٩٦٠ ـ وقد شفّني أن لا يزال يروعني |
|
خيالك إمّا طارقا أو مغاديا (٦) |
تنبيه : ليس من أقسام إمّا الّتي فى قوله تعالى : (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) [مريم / ٢٦] بل هذه إن الشرطيّة ، وما الزائدة ، ولذلك أكّد الفعل بالنون ، وجوابها قوله تعالى : (فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) [مريم / ٢٦] وهو ظاهر.
__________________
(١) نسبت البيت لذي الرمة وللفرزدق. اللغة : ألّم به وعليه : أتاه فترل به وزاره.
(٢) لم يسمّ قائله. اللغة : الآبال : جمع إبل.
(٣) تقدم برقم ٩٥٢.
(٤) هو العائذ بن محصن شاعر جاهلي من ربيعة ، اتصل بعمرو بن والنعمان بن منذر.
(٥) اللغة : الغث : النحيف ، خلاف السمين ، أتّقى : من الاتقاء بمعنى الاجتناب.
(٦) نسب البيت الى الأخطل. اللغة : شفّني : ضمّرني وأرّقني ، يروعني : يفزعني ، طارقا : من طرق : جاء ليلا ، مغاديا : ذاهبا أوّل النهار.