ألف آخر حرف أو اسم غير متمكّن اتّصل به مضمر ، ولو قلبوها ياء لخالفوا القاعدة الأصليّة في أنّ المضمر لا يغيّر الكلمة من غير حاجة ، وهنا لا حاجة لاستغنائهم عن حتّى بإلى ، انتهى.
وحاصله أنّه لمّا كان كلّ من قلب الألف وإقرارها مع المضمر ملزوما لمخالفة قاعدة طرحوه ، فلم يدخلوه إلا على الظاهر لكن في تمثيله للاسم غير المتمكّن بلدى نظر ، لأنّه معرب ، وكلّ معرب متمكّن.
«وقد ينتصب» الفعل «المضارع بعدها» ، أى بعد الجارّة «بأن مضمرة» ، نحو : سرت حتّى أدخلها بتقدير حتّى أن أدخلها ، «لا بها» ، أى حتّى نفسها «خلافا للكوفيّين» ، لأنّها قد عملت في الأسماء الجرّ نحو قوله تعالى : (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) [القدر / ٥] ، فلو عملت في الأفعال (١) النصب ، لزم أن يكون لنا عامل واحد ، يعمل تارة في الأسماء ، وتارة في الأفعال ، ولا نظير له في العربيّة ، فإن قيل : إذا قلت : أيّ رجل تضرب أضرب ، عملت أيّ الجزم في الفعل والجرّ فى الاسم ، فإنّ خافض المضاف إليه هو المضاف على الصحيح.
أجيب بأنّ المراد ما يعمل في الأسماء لا يعمل في الأفعال من جهة عمله في الأسماء ، وعمل أيّ الجرّ في الأسماء ليس من جهة عملها الجزم في الأفعال ، فإنّ عملها الجرّ في الأسماء من جهة إضافتها ، وعملها الجزم في الأفعال من جهة تضمّنها معنى الشرط ، ثمّ ما ذكر من التعليل في منع كون حتّى هي الناصبة بنفسها لا يتوجه اعتراضا على جميع الكوفيّين ، بل على القائل منهم بأنّها ناصبة بنفسها كان جارّة بنفسها أيضا تشبيها بإلى ، وهو مذهب لبعضهم لا جميعهم.
قال في الهمع : وذهب الفرّاء منهم إلى أنها ناصبة بنفسها ، وليست الجارّة ، وعنده أنّ الجرّ بعدها أنّما هو لنيابتها مناب إلى ، وذهب الكسائيّ ، وهو إمامهم ، إلى أنّها ناصبة بنفسها أيضا ، وأنّها جارّة بإضمار إلى ، وهذا عكس مذهب البصريّين ، ثمّ إنّه جوّز إظهار إلى بعدها ، فقال : الجرّ بعد حتّى يكون بإلى مظهرة ومضمرة ، ومع قول الكوفيّين : إنّها ناصبة بنفسها ، وأجازوا إظهار أن بعدها ، قالوا : لو قلت : لأسيرنّ حتّى أن أصبح القادسيّة ، جاز ، وكان النصب بحتّى ، وأن توكيد كما أجازوا ذلك في لام الجحود. وعلى قول البصريّين لا يظهر ، وقد يظهر في المعطوف على منصوبها ، لأنّ الثواني تحتمل ما لا تحتمله الأوائل كقوله [من البسيط] :
__________________
(١) فى الاسماء «ح».