تنبيه : القول بحرفيّة ما هو ما ذهب إليه الجمهور ، وادّعى ابن الخروف الاتّفاق عليه ، وليس كذلك ، بل ذهب الأخفش وابن السراج إلى أنّها اسم موصول يفتقر إلى ضمير عائد عليها أسوة أمثالها من الموصولات ، فإذا قلت : أعجبني ما صنعت ، فالتقدير الصنع الّذي صنعته ، وردّ بقوله [من الطويل] :
١٠٥٢ ـ ... |
|
بما لستما أهل الخيانة والغدر (١) |
لأنّه لا يتأتّى فيه تقدير ضمير يعود عليها.
والثالث : أن تكون «صلة» أل زائدة. قال السخاويّ : من النحاة من قال في حروف الزيادة ، إذ جاءت صلة ، لأنّها قد وصل بها ما قبلها من الكلام ، ومنهم من يقول :
زائدة ، ومنهم من يقول : لغو ، ومنهم من يقول : توكيد ، وأبى بعضهم إلا هذا ، ولم يجز فيها إلا أن يقال : صلة ، ولا لغو ، لئلّا يظنّ أنّها دخلت لا لمعنى ألبتّة.
وقال ابن الحاجب في شرح المفصّل : حروف الزيادة سمّيت حروف الصلة ، لأنّها يتوصّل بها إلى زنة أو إعراب لم يكن عند حذفها. وقال الأندلسيّ : أكثر ما تقع الصلة في ألفاظ الكوفيّين ، ومعناه أنّه يصل به كلامه ، وليس بركن في الجملة ولا في استقلال المعنى ، كذا في الأشباه والنظائر. وقال صاحب العباب : تسمّى حروف الزيادة الصلة ، لأنّها يتوصّل بها إلى زيادة الفصاحة واستقامة وزن شعر أو حسن سجع أو تزيين لفظ أو غير ذلك من الفوائد اللفظيّة.
وما الزائده نوعان : عوض وغير عوض ، فالعوض في موضعين : أحدهما : في قولهم : إمّا أنت منطلقا انطلقت. والثاني نحو : قولهم : إفعل هذا إمّا لا ، فما فيهما عوض عن كان محذوفة لزوما كما مرّ ، وغير العوض تقع بعد الرافع كقولك : شتان ما زيد وعمرو ، وقول مهلهل (٢) [من المنسرح] :
١٠٥٣ ـ لو بأبانين جاء يخطبها |
|
رمّل ما أنف خاطب بدم (٣) |
وبعد الناصب نحو : ليتما زيدا قائم على الأعمال ، وبعد الجازم نحو : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ) [الأعراف / ٢٠٠] ، (أَيًّا ما تَدْعُوا) [الإسراء / ١١٠] ، (أَيْنَما تَكُونُوا) [البقرة / ١٤٨] ، وقول الأعشى [من الطويل] :
__________________
(١) تقدم برقم ١٠٤٨.
(٢) عدي بن ربيعة التغلبي شاعر فارس جاهلي لقّب بالمهلهل لسهولة شعره كما لقّب بالزير لشدّة ميله إلى مجالسة النساء كان بطلا عنيدا من أبطال حرب البسوس الّتي دارت رحاها بين بكر وتغلب مدّة أربعين سنة. وقد أسر المهلهل ومات سنة ٥٣١. الجامع في تاريخ الأدب العربي ١ / ١٨٩.
(٣) اللغة : أبانان : جبلان يسمّى بأبان الأسود وأبان الأبيض ، رمّل : لطخ.