لكم في الأرض من حيوان ونبات حال كونه مختلفا ألوانه أي أصنافه فإن اختلافها وغالبا يكون باختلاف اللون مسخر لله تعالى ، أو لما خلق له من الخواص والأحوال والكيفيات ، أو جعل ذلك مختلف الألوان أي الأصناف لتنتفعوا من ذلك بأي صنف شئتم.
(المبحث الثاني في الأعناب أي الكروم أي في صفاتها النباتية):
أجناس هذه قليلة العدد وأنموذجها الكرم ، وهي مكونة من نباتات شعاعية ، أي كرمية تتسلق حول الأقسام التي تجاورها بالتفاف سوقها ، وتتثبت عليها بواسطة سلوك ، وأوراقها متوالية بسيطة مجزأة مصحوبة بأذنين نحو قاعدتها والسلوك مقابلة للأوراق دائما ، وهي متفرعة وملتفة على هيئة حلزون غالبا.
والأزهار صغيرة مائلة للخضرة عنقودية مقابلة للأوراق وكأسها قصيرة جدا كاملة أو ذات أربع أسنان أو خمسة والتويج مكون من أربع وريقات إلى ست عديمة الأظافر ، وأحيانا تلتحم هذه الوريقات بجزئها العلوي بحيث نزع التويج قطعة واحدة فيكون على هيئة قلنسوة صغيرة ، وأعضاء التذكير خمسة مقابلة لوريقات التويج ، والمبيض ذو مسكنين يحتوي كل منهما على أصلين بذريين ، والخيط قصير غليظ ينتهي بفوهة ذات فصين قليلة الوضوح ، والثمر عنبي بيضاوي أو كروي يحتوي في باطنه على بزور تختلف من بزرة إلى أربع.
(المبحث الثالث في صفاته الطبيعية):
الكرم إذا ترك ونفسه في الجبال البرية كان ثمره غضا حامضا لا ينضج فإذا استنبت غلظ ثمره وصار سكريا لذيذ المأكل وأصنافه كثيرة وخشبه مسامي إسفنجي خفيف يتشقق إذا جف ، وهو مغطى بقشرة ذات عروق ويسهل فصلها منه ، وأغصانه تقطع كل سنة وتنفع للحرق فتخرج منها شعلة ، وإذا قطعت أغصانه في زمن متأخر عن الزمن الاعتيادي للقطع خرج من محل القطع عصارة كثيرة تسمى دموع الكرم ، كان لها خواص مشهورة وهي صافية عديمة الرائحة والطعم ، وتتغير بسهولة وتعفن ومدحوها مدرة للبول ، وكانوا يأمرون بها في أمراض الجلد كالقوباء ونحوها ، ونسبوا إليها شفاء السكر.
والآن قل استعمالها ، وأوراق الكرم متمزقة أصبعية ذنيبية كبيرة قطنية ولا سيما في الوجه الأسفل ، وتدخل في أغذية الناس والحيوانات ، وكانوا يستعملون عصارتها كالقوابض في الإسهال والدوسنطاريا وأنزقة الرحم.