يصير الجلد أحمر فإذا ترك في الفم زمنا ما استشعر فيه بأكلان يتغير سريعا إلى حس احتراق ، ويظهر أن هذا الفعل الأول ناشئ من كونه أخذ الماء الخاص بالمنسوجات الحية أخذا قويا ، وقد يشتد هذا الفعل بحيث يطفئ حياة هذه الأجزاء ، ثم بعد هذا الفعل الأول يزيد الإفراز المخاطي زيادة عظيمة فإذا دخل الكؤول النقي في المعدة بمقدار عشرة دراهم إلى خمسة عشر صارت حالا مجلسا لالتهاب شديد فيحس فيها باحتراق ، ويمتد تنبيهها الشديد سريعا إلى أعضاء أخر ، وسيما إلى المخ ، فإذا كان مقدار الكؤول المزورد أكبر مما ذكرنا كان التهاب أشد وأدوم والتنبه المخي أثقل وأخطر ، ويحصل هذيان وسبات بسكتة ، بل ربما كان الموت عاقبة إفراط استعمال الكؤول النقي ولا سيما للأشخاص الذين لهم اعتياد على هذا الاستعمال ، والكؤول الممدود بالماء الملطف تلطيفا مناسبا المسمى بالعرقي إذا استعمل بمقدار كبير يسبب جملة من الظاهرات عظيمة الاعتبار ، وهي المعروفة بالسكر ، وقد شرحناه في مبحث النبيذ ، فإذا حدث الموت حالا من استعمال مقدار كبير منه وجد في الجثة الدموية علامة الاختناق واضحة ، وجميع الأعضاء الباطنة محقونة بالدم الأسود ، فإذا أدمن على المشروبات الروحية زمنا طويلا شوهد تعاقب آفات الإسكار المسماة بالهذيان الاضطرابي أو الرعشة الروحية أي فيتضح في الشخص ظاهرتان الهذيان واضطراب الأطراف ، والعلامات الدالة على تلك الحالة المرضية هي تلون وانتفاخ الوجه ، وجحوظ في العينين مع خفض الأجفان ، والسحنة البهيمية ، والاختلاط الغريب ولا سيما في البصر والسمع ، ثم نعاس شاق وانزعاج واحتياج لتغيير المحل وانقباضات تشنجية في عضلات الوجه اهتزاز واضح في الأطراف ، وسقوط بحيث لا يقدر الشخص على الوقوف ووثبات حركات تشنجية أي فجائية في أجزاء خارجة عن إدارة المخ محرضة من التأثير المرضي العصبي وتغير في الفم ، وفقد للشهية وقيء وقوة في النبض ، ولا يوجد ألم في الرأس ولا على طول الظهر ، وإنما يحس بحرارة باطنية إذا وضعت اليد على الجبهة ولا تكون تلك النتائج واحدة في جميع الأشخاص ، فقد يتسلط السائل بالأكثر على الرأس فيحصل تلون في الوجه واحتراق في الجبهة وانبساط غريب ، وشدة في القوى العقلية قريب من الجنون ، وفي بعض آخر يكون التأثير على الدورة أكثر فتقوى أعراضها ، وفي بعضهم يحصل عرق غزير ، وهكذا ، وربما علم من ذلك أن مخ الأول جيد التغذية كبير الحجم متسلطن على غيره في تركيب البنية وسيصاب بسكتة ، وإن قلب الثاني فيه ضخامة ومجموعه الشرياني زائدا النمو وسيصاب بالأنزفة والموت الفجائي ، وأن جلد الثاني متين ثخين قوي الحيوية سيصاب بالفعل ورد الفعل فتظهر الاحتقانات الكبدية والدوسنطاريات هكذا.