ثم يقطع هذا الجذع قطعا ويشق رباعيا أي ليصير أربعة شقق كلما احتيج لذلك ؛ لأن هذا الدقيق يمكن أن يحفظ في الجذع أكثر من سنة بدون أن يفسد ليستخرج منه النخاع بقذمة أو معول أو نحو ذلك ، ثم يوضع في زنبيل مصنوع من ليف النخل ، ثم يلقى الماء عليه ، ويؤخذ منه الدقيق الذي يجمع في علب أو صناديق من خشب ، وقد يعمل منه بعد أن يصفى الماء السابغ عليه قوالب وفطائر وقضبان وغير ذلك من الأشكال المختلفة التي يؤكل بها في تلك البلاد ، وأحيانا تكتفي الأهالي بقطع نخاع النباتات الساجوسية إلى قطع ، ثم تغلي تلك القطع ليأكلوها ، وأحيانا أخر يحفظ الدقيق في سوق من نوع من الخيزران غليظ يسمى بمبوز ، والساجو المعد للمتجر يحضر بكيفية أخرى حتى يصير محببا لأجل ذلك يمر بالعجينة من غربال ، ومنهم من يستخدم طاحونا شبيهة بالتي يقشر فيها الشعير والساجو الذي يباع يكون حبويا ملساء مستديرة لونها وردي منتقع أو وسخ عديمة الرائحة شديدة الصلابة تتفتت بسهولة أو تتفرطح تحت الأسنان ، وهو عديم الطعم ولا يذوب في الفم إلا ذوبانا غير تام ، ويلين في الماء المغلي أكثر ذوبانه فيه حيث يحفظ دائما شكله المحبب ، وذلك الجوهر يختلف عن معظم الأدقة بقوامه وعدم إذابته وعسر تحويله إلى مسحوق وتلونه وقوة تحببه وغير ذلك ؛ ولذا يلزم جعله تابعا للأدقة الحقيقية لا أنه منها ، ويحفظ زمنا طويلا إذا كان بعيدا عن الرطوبة ، ويسهل فساده إذا ندى ، وذلك يحصل كثيرا في مسيره من الهند إلى أوروبا ، ويتضح من ذلك لأي شيء يعدم لونه في كثير من الأحوال ويتعفن وغير ذلك إذا جاء عندنا فميز الساجو ثلاثة أصناف : الساجو العتيق وساجو ملوك وساجو تبيوكا ، والأولان لم يكابدا تأثير النار ولا يتقادان للماء البارد ، وإنما ينتفخان فيه كثيرا ، وحبوب الدقيق المركب ليما بيضاوية ، وتأخذ في التضايق حتى يتكون من ذلك عنيق في الطرف ، والساجو العتيق يقاوم التأثير المستطيل للماء المغلي ، ويترك فيه جملة من أغشية محللة ، وساجو ملوك أقل مقاومة لذلك ، وساجو تبيوكا يتميز بشكله ، ويتكون من كتل صغيرة رديئة غير منتظمة ، وقد كابد تأثير النار ؛ ولذلك يحصل منه في الماء البارد سائل يتلون باليود تلونا قويا ، ولم يحصل في الساجو تحليل كيماوي مع أن ذلك مهم لأجل تعيين رتبته حيث يلزم جعله من المستنتجات النباتية ، والثفل الذي بقي بعد استخراج الساجو يعطي غذاء لبعض الحيوانات ، وقد يترك أحيانا ليسخن وحينئذ تتغير حالته إلى حالة أخرى بها يكون لذيذ المأكل في ملوك كنوع من الفطر الذي يستعمل هناك كثيرا كما قالوا ، ويستعمل الساجو في الطب دواء مشددا مقويا واعتبروه دواء صدريا جليلا مقويا للمعدة والقلب لطيفا ، فيؤمر به لأرقاء الصدور وضعاف المعدة المتهيجة أمعاؤهم والمنتحلين والناقهين والمهزولين وفي الالتهاب المزمن في الأحشاء ونحو ذلك ، وهو يستدعي طبخا طويلا وتحضر منه مغليات وبالأكثر شوربات وجليديات