في السطح المعدي للكلاب التي ازدرت مسحوق الأهبل نكتا حرما والتهابا خفيفا وثانيا يحرض بعد ذلك حالا نتائج أخر ناشئة من وصول قواعده في الكتلة الدموية ومن تأثيره في المنسوجات العضوية ، وذلك كقوة النبض وسرعته والانزعاج الشرياني وشدة فاعلية الأوعية الشعرية والاحتقان الدموي في جملة محال من الجسم وكثيرا ما يحرض نفث الدم ويقهر الطمث على الظهور في غير زمنه.
وإذا زيد في المقدار حصل منه حالة مرضية في الجسم فيحرض حمى شديدة مصحوبة بأعراض خطرة في النساء اللاتي يستعمله بقصد الإسقاط مع أنه يندر أن يتمم لهن مقصودهن ، وإنما ينتج فيهن آفات وتغيرات لا تزول ولا تمحي وإذا أعطى للخيل أحدث فيها شدة وحركة قوية فجائية بسبب تأثير قواعده المنبهة فإن تلك الحيوانات صارت مملوءة حرارة وهيجانا قويا ، وذكر ميرة في الذيل عن بعض الأطباء حالة موت امرأة حامل في ثمانية أشهر حصل بعد استعمال الأبهل بثنتي عشرة ساعة فوجد معها احتقان دموي في المخ وفي الأمعاء ، وكان حصل منها تبرزات مدممة وقيء وغير ذلك ، ومع ذلك أوصوا من زمن طويل باستعماله لتحريض فعل الرحم. وكان القدماء يعرفون ذلك ونص عليه جالينوس ، وذكر أنه يحرض الإسقاط وذكر ذلك أطباء العرب من بعده قاطبة ، وذكروا جميع خواص هذا النبات وقالوا : إنه يحرض الطمث يحرض الإسقاط ، واشتهر ذلك عند جميع الناس العوام وتستعمله لذلك سودان جزيرة فرانسا وآسيا وإفريقيا وإن أنكر تلك الخاصية كثير من المتأخرين ، وقالوا : إذا حصل منه الإسقاط فلذلك إنما هو في شدة الالتهاب الذي يسببه ، بل ربما سبب في الغالب الموت.
وأما إدراره الطمث فمعروف عموما وهو قريب للعقل فإنك قد عرفت أن لهذا الجوهر تأثيرا قويا التهابيا في المستقيم الذي هو ملتصق بالرحم ، وذلك تنظير ما يشاهد في الصبر حيث تحدث منه النتيجة المزدوجة المذكورة ، وبالجملة فالأبهل دواء يستعمل لتحريض الطمث إذا كان عدم ظهوره ناشئا من خمود الرحم أو ضعفها أو استرخاء منسوجها ، أما إذا كان فيها امتلاء وتنبه.
فإن استعمال هذا الجوهر يكون مضرا كما هو واضح ، فقد يسبب حينئذ كما عملت حمى وقيئا ونفث الدم وبواسير ونحو ذلك مع أن جونتير استعمله مع نجاح عظيم في الأنزفة الرحمية الحاصلة من الضعف الرحمي لما لم ينفع غيره من الأدوية المستعملة عموما فأعطى منه ثلث درهم وكرره أربع مرات في اليوم ، فكان فعله في تلك الحالة كفعل القوابض ، وأوصى به سوتير أيضا في مثل تلك الحالة ، ولكن كان ذلك لأجل التحرز من الإسقاط الذي قد ينتج من ذلك الاسترخاء والضعف في الرحم.