(والثاني) : أن ضربها من ذلك البعيد على الأرض بحيث لم تتحرك سائر القرى المحيطة بها البتة ، ولم تصل الآفة إلى لوط ـ عليهالسلام ـ وأهله مع قرب مكانهم من ذلك الموضع معجزة قاهرة أيضا.
(الثاني) : قوله : (وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ) [هود : الآية ٨٢]. فجعل تعالى جو تلك المدائن متكونا بالشهب أي الأكر النارية المعقبة بالأحجار.
قوله : (مِنْ سِجِّيلٍ) [هود : الآية ٨٢]. اختلفوا في السجيل على وجوه.
(الأول) : إنه فارسي معرب وأصله سنككل ، وأنه شيء مركب في غاية الصلابة قال الأزهري : لما عربته العرب صار عربيا وقد عربت كلمات كثيرة كالديباج والديوان والاستبرق.
(والثاني) : سجيل أي مثل السجل وهو الدلو العظيم.
(والثالث) : سجيل شديد من الحجارة.
(والرابع) : مرسلة عليهم من أسجلته إذا أرسلته وهو فعيل منه.
(والخامس) : من أسجلته أي أعطيته تقديره مثل العطية في الإدرار.
(والسادس) : هو من السجل الكتاب تقديره من مكتوب في الأزل أي كتب الله أن يعذبهم بها ، والسجل أخذ من السجل وهو الدلو العظيمة لأنه يتضمن أحكاما كثيرة ، وقيل مأخوذ من المساجلة وهي المفاخرة.
(والسابع) : من سجيل أي من جهنم أبدلت النون لاما.
(والثامن) : السماء الدنيا وتسمى سجيلا.
(واعلم) أنه تعالى وصف تلك الحجارة بصفات ، فالصفة الأولى كونها من سجيل ، الصفة الثانية قوله تعالى : (مَنْضُودٍ) [هود : الآية ٨٢]. قال الواحدي : هو مفعول من النضد ، وهو وضع الشيء بعضه على بعض وفيه وجوه.
(والأول) : أن تلك الحجارة كان بعضها فوق بعض في النزول فأتى به على سبيل المبالغة.
(والثاني) : أن كل حجر فإن ما فيه من الأجزاء منضود بعضها ببعض وملتصق بعضها ببعض.