ولا يُشترط في الأربعة السابقة شيء من ذلك ، بل المَدار فيها على القُدرة وعدم العجز ، فيجب على كلّ قادر على النصرة ، من قريب أو بعيد ، الحضور في عسكر المسلمين وجوباً كفائيّاً لا يسقط إلا إذا قامَ به مَن به الكفاية.
ثالثها : أنّه لا يجوز التخلّف عن الهُدنة والأمان ، والصلح ، والعهد ، ولا يجوز الاحتيال بالكذب والتزوير في القسم الأخير ، ولا بأس بذلك في الأقسام الأُخر إذا قوي الكفّار وخيف الضرر.
رابعها : أنّه يختصّ المحاربة في القسم الأخير بما كانت مع الكفّار لجلبهم إلى الإسلام.
وأمّا في الأقسام الأُخر ، فلا يُفرّق بين الكفّار وبين المسلمين والمؤمنين إذا أرادوا ما أراده الكُفّار ، وإن كانوا على خلاف مَذهبهم ، لطَمَعِ الدنيا وحبّ الرئاسة.
خامسها : أنّه يُلحظ في القسم الأخير عدم زيادة الكُفّار على الضعف أو على عشرة أمثال كما كان سابقاً ، وليس في الأقسام الأُخر تحديد إلا بالقدرة وعدمها.
سادسها : أنّه لا يجوز الجِهاد بالمعنى الأخير في الأشهر الحُرُم ، بخلاف الأقسام الأُخر ؛ وإن تساوت ، حيث تكون الحرب مع من لا يرى لها حُرمة أو مع المبتدئ (١) منهم بالحرب. وأمّا بالنسبة إلى الحرم ، فلا مانع في الجميع.
سابعها : تخصيص الوجوب في القِسم الأخير بِمَرّة في السنة ، ولا تحديدَ في الأقسام الأُخر.
ثامنها : لزوم الدعاء إلى الإسلام قبل مُحاربتهم في القسم الأخير ، فإن أبوا وامتنعوا حوربوا ، ولا يلزم ذلك في الأقسام الأُخر.
تاسعها : أنّه ليس للإمام الأخذ من أموال المسلمين قهراً للتوصّل بها إلى الغرض المطلوب في القسم الأخير ، ويجوز للرئيس أن يتناول من الأموال إذا لم يكن عنده ما يقوم بكفاية ما يضطرّ إليه من العساكر في الدفع عن الأُمور الأُخر ، مقدار ما يكفيه في حصول الغرض.
__________________
(١) في النسخ : المبتدأ.