حجّ البيت بلا نيّة صادقة ، ولا نفقة طيّبة ، وهب الله له حقّه ، وأرضى عنه خلقه ؛ ومن حجّ بنيّة صادقة ونفقة طيّبة ، جعله الله في الرفيق الأعلى مع النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين ، وحسن أُولئك رفيقاً» (١) إلى غير ذلك من الأخبار.
وفيما سطر من الأخبار بعضُ كلماتٍ يُشكل فهم المراد منها : قوله عليهالسلام : «لا يُكتب عليه ذنب إلى أربعة أشهر» فإنّه يُشكل الأخذ بظاهره ؛ لمنافاته لظاهر الكتاب والسنّة. وإن خصّصناه بغير الكبائر ؛ لما يظهر من تتبّع الأخبار ، وما قضى به العدل من أنّ أموال الناس لا تغفر إلا أن يقال : بأنّها وإن قلّت داخلة في الكبائر وما يظهر ممّا دلّ على لزوم النهي عن المنكر ، ولزوم التعزير من غير فرق بين الكبير والصغير ، إلا أن يقال : بأنّ رفع المؤاخذة الأُخرويّة لا تقتضي رفع الدنياويّة ، كما في تعزير الأطفال.
ثمّ لو نزّلناه على الصغائر ، اشترطنا عدم الإصرار ؛ لئلا يدخل في المعاصي الكبار.
وقد تُنزّل على أنّ الملائكة لا يكتبون عليه شيئاً ، فتكون ذنوبه مستورةً لا يترتّب عليها فضيحة. وإنّما أمرها إلى الله تعالى.
ثمّ إنّ الأخذ بظاهره يقتضي تجرّي الناس على المعاصي وعدم المُبالاة بارتكاب الذنوب في أثناء الأربعة.
ومنها : ما تكرّر في الحديث المتقدّم من قوله : «غفرت ذنوبه» مع أنّ الغُفران لا يتكرّر بالنسبة إلى الحال الواحد ، ويمكن توجيهه بوجوه :
منها : أن يُراد أنّ كلّ واحدٍ من تلك الأعمال صالح لتسبيب غُفران الذنوب.
ومنها : أنّ الله تعالى يتكرّر منه قول : «قد غفرتُ لك» وفيه دلالة على تمام القُرب ، وشَرَف الخطاب.
ومنها : أن يُراد أنّ لكلّ صنف من الذنوب سبباً في الغُفران. فكلّ فعلٍ يُغفر به من الذنوب ما لا يُغفر بغيره. ويؤيّده قوله عليهالسلام : «إنّ من الذنوب ما لا يُكفّره إلا
__________________
(١) الفقيه ٢ : ١٥٢ ح ٦٦٤ ، الوسائل ٨ : ١٠٢ أبواب وجوب الحجّ ب ٥٢ ح ٣.