الثاني : أنّه يستحبّ تجديدها في كلّ حين ؛ لأنّها شعار للإحرام ، ومتضمّنة لجواب الملك العلام ، مع كثير من الأذكار ، كما تضمّنه ما مرّ من مضامين الأخبار (١).
وقد روي : أنّ من لبّى سبعين مرّة في إحرامه إيماناً واحتساباً أشهد الله له ألف ملك ببراءته من النار ، وببراءته من النفاق ، وأنّه ما من مُحرم يُضحي ملبّياً حتّى تزول الشمس إلا غابت ذنوبه معها (٢) ، وفي مرفوع جابر : «ما بلغنا الروحاء حتى بحّت أصواتنا».
ويتأكّد استحبابها عند كلّ صعود على أكمة أو شجرة أو دابّة أو نحوها ، وهبوط منها أو من الوادي ، وحدوث حادث من نوم أو يقظة أو ملاقاة أحد ، وصلاة مكتوبة أو نافلة ، وفي الأسحار.
الثالث : أنّه يستحبّ الجهر بها للحاجّ من الرجال ، دون النساء والخناثى على طريق المدينة حين يحرم إن كان راجلاً ، وإذا علت راحلته البيداء إن كان راكباً ، ولا مانع من العكس ، ولو أخّر التلبية إلى علوّ البيداء أو قبل ذلك راجلاً أو راكباً ، فلا بأس.
والأحوط أن يقرن التلبية بنيّة الإحرام ، والمراد بعلوّ البيداء مبدأ علوّها عند أوّل ميل على اليسار ، والحكم باستحباب تأخير الجهر عن زمن الإحرام بمقدار قليل من الزمان ، بل تأخير التلبية من الأصل للحاجّ على طريق المدينة وغيره متمتّعاً أو لا ، وللمعتمر متمتّعاً أو مُفرداً غير بعيد.
والمرجع في معرفة السرّ والجهر إلى العُرف ، والبيداء على ميل من ذي الحليفة ، وذو الحليفة ماء لبني جُشَم على ستّة أميال من المدينة (٣).
الرابع : ان تنتهي التلبية استحباباً ولا يبعد الوجوب للحاجّ متمتّعاً أو مقرناً إلى الزوال من يوم عرفة ، وإلى مشاهدة بيوت مكّة القديمة للمعتمر عمرة التمتّع ، ويحصل
__________________
(١) الوسائل ٩ : ٥٣ أبواب الإحرام ب ٤٠.
(٢) الكافي ٤ : ٣٣٧ ح ٨ ، الوسائل ٩ : ٥٦ أبواب الإحرام ب ٤١ ح ١.
(٣) انظر المصباح المنير : ١٤٦.