فضرورة ، سوّغها شبه الفعل بالوصف ، وتوكّد بهما صيغ الأمر مطلقا ولو كان دعائيّا ، كقوله [من الرجز] :
٤٤ ـ ... |
|
فأنزلن سكينة علينا (١) |
ولا يؤكد بهما الماضي مطلقا وشذّ قوله [من الكامل] :
٤٥ ـ دامنّ سعدك إن رحمت متيّما |
|
لولاك لم يك للصبابة جانحا (٢) |
والّذي سهّله أنّه بمعنى أفعل.
وأمّا المضارع فله حالات ، ذكرها في الأوضح (٣) إحداها : أن يكون توكيده بهما واجبا ، وذلك إذا كان مثبتا مستقبلا جوابا لقسم ، غير مفصول من لامه بفاصل ، نحو : (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ) [الأنبياء / ٥٧] ، ولا يجوز توكيده بهما إن كان منفيّا ، نحو : (تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) [يوسف / ٨٥] ، إذ التقدير لا تفتأ. أو كان حالا كقراءة ابن كثير (٤) لأقسم بيوم القيامة [القيامة / ١] ، وقول الشاعر [من المتقارب] :
٤٦ ـ يمينا لأبغض كلّ امري |
|
يزخرف قولا ولا يفعل (٥) |
أو كان مفصولا من اللام ، مثل : (وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) [آل عمران / ١٥٨].
الثانية : أن يكون قريبا من الواجب ، وذلك إذا كان شرطا ، لأنّ الشرطيّة المؤكّدة بما ، نحو : وإمّا تخافنّ فإمّا تذهبنّ فإمّا ترينّ ، ومن ترك توكيده قوله [من البسيط] :
٤٧ ـ يا صاح أمّا تجدني غير ذي جدة |
|
فما التخلّي عن الخلّان من شيمي (٦) |
وهو قليل ، وقيل : يختصّ بالضرورة.
الثالثة : أن يكون كثيرا ، وذلك إذا وقع بعد أداة الطلب ، كقوله تعالى (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً) [إبراهيم / ٤٢].
الرابعة : أن يكون قليلا ، وذلك بعد لا النافية وما الزائدة الّتي لم تسبق بأن الشرطية ، كقوله تعإلى : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) [الأنفال / ٢٥] ، وقوله [من الطويل] :
__________________
(١) قاله عبد الله بن رواحه. وقبله :
ونحن عن فضلك ما استغنيا |
|
فثبت الأقدام إن لاقينا. |
(٢) لم يسم قائله. اللغة : دامنّ : ماض مؤكّد من الدوام بمعنى البقاء. المتيّم : اسم مفعول وهو الّذي تيمّه الحبّ أي : ذلّله ، الصبابة : الشوق أورقته ، الجانح : اسم فاعل من جنح بمعنى مال إليه.
(٣) أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك لابن هشام.
(٤) عبد الله بن كثير أحد أئمة القراءات العشر ، ولد بمكة وتولّى قضاءها ، مات سنة ١٢٠ ه ق. المنجد في الأعلام ص ١٣.
(٥) لم يذكر قائله. اللغة : زخرف القول : حسنّه بترقيش الكذب.
(٦) لم يسمّ قائله : اللغة : الخلّان : جمع الخليل وهو الصديق الخالص ، الشيم : جمع الشيمة بمعنى الخلق.