وعلى حذف النّون ، إذا اتّصلت به إحدى المذكورات ، سواء كان صحيحا أو معتلّا ، نحو : إضربا واغزوا واخشيا وارميا واضربوا (١) واغزوا واخشوا وارموا واضربي واغزي واخشي وارمي ، فإنّ مضارعه يجزم (٢) بحذفها وعلى حذف حرف العلة إذا كان معتلّا ، ولم يتّصل به نون الإناث ولا نون التوكيد المباشرة نحو : اغز واخش وارم ، فإنّ مضارعه ى يجزم بحذفه ، فإن اتّصلت به نون الإناث بني على السكون ، نحو : اغزون واخشين وارمين يا هندات ، أو نون التوكيد بنى على فتح ، نحو : اغزونّ واخشينّ وارمينّ يا زيد ، كالصحيح فى الموضعين.
هذا هو الأصحّ عند جمهور البصريين ، وذهب الكوفيون والأخفش من البصريين إلى أنّه مقتطع من المضارع ، فهو معرب مجزوم بلام الأمر إلا أنّها حذفت حذفا مستمرّا في نحو : قم واقعد ، والأصل لتقم ولتقعد فحذفت اللّام للتخفيف ، وتبعها حرف المضارعة.
واختاره ابن هشام في المغني ، قال وبقولهم أقول : لأنّ الأمر معنى حقّه أن يؤدّى بالحرف ، ولأنّه أخو النهى ، ولم يدلّ عليه إلا بالحرف ، ولأنّ الفعل إنّما وضع لتقييد الحدث بالزمان المحصّل ، وكونه أمرا أو خبرا خارج عن مقصوده ، ولأنّهم قد نطقوا بذلك الأصل ، كقوله [من الخفيف] :
٥٨ ـ لتقم أنت يا ابن خير قريش |
|
كى لتقضى حوائج المسلمينا (٣) |
وكقراءة جماعة فبذلك فلتفرحوا [يونس / ٥٨] ، وفى الحديث : لتأخذوا مصافكم (٤) ، ولأنّك تقول : اغز ، واخش ، وارم ، واضربا واضربوا واضربي ، كما تقول في الجزم ، ولأنّ البناء لم يعهد كونه بالحذف ، ولأنّ المحقّقين على أنّ أفعال الإنشاء مجرّده عن الزمان ، كبعت وأقسمت وقبلت ، وأجابوا عن كونها مع ذلك أفعالا بأنّ تجرّدها عارض لها عند نقلها عن الخبر ، ولا يمكنهم ادعاء ذلك في نحو : قم ، لأنّه ليس له حالة غير هذه وحينئذ فتشكل فعليته ، فإذا ادّعي أنّ أصله «لتقم» كان الدّال على الإنشاء اللام لا الفعل ، انتهى بنصّه.
وقال الدمامينىّ فى شرحه : لا إشكال ، فإنّ أفعال الإنشاء إنّما قلنا بتجرّدها عن الزمان من حيث هى إنشاء ، والأمر لا دلالة له على الزّمان بحسب الوضع من حيث
__________________
أضعف الوجود الثلاثة. اللوى : موضع بعينه. ابن عقيل ، شرح ابن عقيل ، ج ١ ، الطبعة السابعة ، قم ، ١٤١١ ه ص ١٣٢.
(١) سقط «اضربوا» في «ح».
(٢) يحذف بحذفها «ط».
(٣) لم يسمّ قائله.
(٤) ما وجدت الحديث.