رأيت الزيدين والزيدين ، بفتح ما قبل الياء في الأول ، وكسرها في الثاني ، ورأيت الرجلين كليهما والمراتين كلتيهما ، وعددت عشرين من الدارهم ، وقس على هذا.
«و» أمّا «الكسرة» فتكون علامة للنصب ، نيابة عن الفتحة «في» موضع واحد ، وهو «الجمع المونث السالم» المقدّم بيانه ، نحو : رأيت الهندات ، وحمل عليه أولات ، وهو اسم جمع لا واحد له من لفظه ، بل من معناه ، وهو ذات بمعنى صاحبة ، نحو : (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ) [الطلاق / ٦] ، وكتبت الواو بعد ألفه ، حملا على مذكّره ، أو لغوا ، وما سمّي به منه كعرفات.
وإنّما نصب هذا الجمع بالكسرة ، حملا للنصب على الجرّ كما في أصله ، وهو الجمع المذكّر السالم ، وقضية إطلاقه أنّ الكسرة علامة للنصب فيه ، وإن كان محذوف اللام ، كثبة (١) ولغة ، وهو ما ذهب إليه البصريّون ، وذهب بعضهم إلى أنّ المحذوف لامه ، إذا لم تردّ إليه اللام في حال الجمع ، ويكون نصبه بالفتح ، وابن مالك في التسهيل على أن ذلك لغة ، والكسرة فيه إعراب ، خلافا للأخفش والمبرّد ، في أنّها بناء.
«و» أمّا «حذف النون» فيكون علامة للنصب نيابة عن الفتحة عند تعذّرها «في» موضع واحد ، وهو «الأفعال الخمسة» المقدّم ذكرها ، نحو : الزيدان لن يفعلا ، وقس على هذا ، وأمّا قوله تعإلى : (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ) [البقرة / ٢٣٧] ، فالواو فيه لام الكلمة ، والنّون ضمير النسوة عائد إلى المطلقات ، ووزنه يفعلن ، فلهذا لم يحذف عند دخول الناصب بخلاف قولك : الرجال يعفون ، فالواو فيه ضمير الجماعة المذكّرين ، والنّون علامة الرّفع ، فتحذف عند دخول الناصب ، فتقول : لن يعفوا : قال تعإلى : (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) [البقرة / ٢٣٧] ، وأصله تعفوون بواوين ، أولاهما لام الكلمة ، والثانية واو الجماعة ، فاستثقلت الضمّة على واو ، قبلها ضمّة ، وبعدها واو ساكنة ، فحذفت الضمّة ، فالتقى ساكنان ، وهما الواوان ، فحذفت الأولى ، ثمّ دخل الناصب ، فحذفت النون ، ووزنه يعفوا ، وإنّما اختصّت الأولي بالحذف دون الثانية ، لأنّها جزء الكلمة والثانية كلمة وحذف جزء أسهل من حذف كلّ ، ولأنّها آخر الفعل ، والحذف بالأواخر أولى ، ولأنّها لا تدلّ على معنى بخلاف الثانية ، وحذف ما لا يدلّ أولى من حذف ما يدلّ (٢).
__________________
(١) الثبة : من ثبي ـ الجماعة.
(٢) ما لا يدلّ «ط».