أنّ الجرّ فيه ظاهر ، أن يقول في نحو : مسلماتي ، أي ما جمع بألف وتاء مزيدتين أنّه في حال النصب كذلك ، انتهى.
وذهب الجرجانيّ وابن الخشاب (١) والمطرزيّ (٢) ، ونقله الرضي عن النحاة أنّ نحو : غلامي مبنيّ لإضافته إلى المبنيّ ، والحقّ أنّه معرب مقدّر الإعراب ، كما ذهب إليه المصنّف وفاقا للمحقّقين بدليل إعراب نحو : غلامه وغلامك وغلاماي ، والإضافة إلى المبنيّ مطلقا ليست من أسباب البناء.
وقال أبو البقاء في اللباب : ذهب قوم إلى أنّه غير مبنيّ ، إذ لا علّة فيه توجب البناء ، وغير معرب إذ لا يمكن ظهور الإعراب فيه مع صحّة إعرابه وسمّوه خصيّا ، والّذي ذهبوا إليه فاسد ، لأنّه معرب عند قوم ، ومبنيّ عند آخرين ، على أنّ تسميتهم إياه خصيّا خطأ ، لأنّ الخصيّ ذكر حقيقيّ ، وأحكام الذكور ثابتة له ، وكان الأشبه بما ذهبوا إليه أن يسمّوه خنثى مشكلا ، انتهى.
«و» تقدّر الثلاث الآخر ، وهي الرّفع والنصب والجزم «في المضارع المتّصل به نون تأكيد غير مباشرة كيضربان» من نحو قولك : هل تضربانّ ، وأن لا تضربانّ ولا تضربانّ يا زيدان ، مقدّرا في كلّ ذلك الإعراب ، هذا مفهوم كلامه ، وهو سهو منه ، رحمه الله.
فإنّ الإعراب إنّما يقدّر في الصورة الأولي فقط ، وهي قولنا : هل تضربانّ ، فإنّه المقدّر فيه ثبوت النون ، والأصل هل تضرباننّ بثلاث نونات. الأولى : نون الرفع ، والثانية : نون التأكيد الثقيلة ، حذفت نون الرفع لثقل اجتماع النونات ، فحيث حذفت قدّر ثبوتها ، لأنّها علامة الرفع بخلاف نحو : أن لا تضربانّ من قولك : أمرتكما يا زيدان أن لا تضربانّ عمرا ، فأنّ أصله قبل دخول الناصب «لا تضربان» بتخفيف نون الرفع ولا نافية ، فدخل الناصب فحذفت نون الرفع علامة للنصب ، ثمّ أكّد بالنون الثقيلة ، وجاز تاكيده بها لمكان لا النافية ، فإنّه يجوز تأكيده بها لمكان لا النافية ، فإنّه يجوز تاكيده بها بعدها بقّلة كما مرّ ، وكذا نحو : لا تضربانّ.
__________________
(١) عبد الله بن أحمد ابن الخشاب أبو محمد النحوى ، كان أعلم أهل زمانه بالنحو ، صنّف : شرح الجمل للجرجاني ، الرّد على الحريريّ في مقاماته و... توفّي سنة ٥٦٧ ه. المصدر السابق ٢ / ٢٩.
(٢) ناصر بن سعيد ابو الفتح النحويّ الأديب المشهور بالمطرزّي من أهل الخوارزم ، برع في النحو واللغة والفقه ، صنّف : شرح المقامات ، الاقناع في اللغة ، مختصر المصباح في النحو و... مات سنة ٦١٦ ه. المصدر السابق ص ٣١١.